جاذبية المدن الذكية للشركات والمستثمرين الابتكاريين

تعد المدن الذكية نموذجا متطورا ومبتكرا في مجال التخطيط الحضري، يوظف تقنيات متقدمة يتم فيها دمج التكنولوجيا الحديثة والبيانات الضخمة لتحسين كفاءة البنية التحتية ورفع جودة الحياة والخدمات في المدن، وخلق بيئة اقتصادية مزدهرة، وتشهد هذه المدن انتشارا متزايدا حول العالم، مدفوعة بالفوائد الاقتصادية الجمة التي توفرها، كونها تشكل بيئة مثالية لنمو الابتكار وريادة الأعمال، فمن خلالها يتم توفر البنية التحتية المتطورة، مثل شبكات الإنترنت فائقة السرعة، والبيئة المثالية للشركات الناشئة لتطوير تقنياتها واختبارها، التي تسهم في ربط رواد الأعمال بالمستثمرين والموارد اللازمة لتطوير مشاريعهم، ومن فوائدها أيضا استخدام التكنولوجيا لإدارة البنية التحتية وتقديم الخدمات العامة، ما يقلل من التكاليف المختلفة كالإدارية وغيرها وتحسين كفاءة استهلاك الموارد مثل المياه والطاقة، ما يوفر مزيد من الموارد المالية للاستثمار في التطوير الاقتصادي الآخر، أضف إلى تلك الفوائد، أن المدن الذكية تعد إحدى الوسائل لجذب الاستثمار، كونها تتجاوز الحدود الجغرافية لتصبح أماكن جاذبة للشركات والمستثمرين، لتوفيرها كما سبق بيئة أعمال مبتكرة ومواتية، تمكن اصحاب الأموال والشركات الاستثمارية الاستفادة من بياناتها في تحليل الاتجاهات السوقية وغيرها لاتخاذ القرارات الاستراتيجية الملائمة لاستثمارتهم.
الحديث عن فوائد المدن الذكية يطول، فهي تزيد من جودة حياة سكانها من عدة نواحي، على سبيل المثال، من خلال توفير النقل العام الذكي، وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، وتوفير بيئة مستدامة وخضراء ما يجعلها أماكن مغرية بالفعل للعيش والعمل فيها، والمدن الذكية تسهم ايضا في تعزيز التنافسية الاقتصادية كونها تعد مراكز اقتصادية ذكية، يمكنها تحقيق تنافسية أفضل على الصعيدين المحلي والعالمي، ما يعزز فرص النمو والازدهار الاقتصادي.
تسهم أيضا في تعزيز منظومة الابتكار وخلق فرص عديدة للعمل من خلال الحراك المستمر للتطوير وايجاد الحلول الذكية حسب الاحتياجات والتحديات المتنوعة، ما يجعلها بيئة خصبة للابتكار ما يسهم في إنشاء فرص عمل في قطاعات الابتكار والبحث والتطوير التكنولوجي. 
هناك عدة دول برزت بقيادتها في مجال المدن الذكية وتبذل جهودا كبيرة لتطوير البنية التحتية الذكية وتطبيق التكنولوجيا لتحسين جودة الحياة في مدنها، من بين هذه الدول، الصين حيث تتبنى استراتيجية شاملة لتطوير المدن الذكية، وتشهد مدن مثل شنغهاي وشينزين وهانغتشو تقدما كبيرا في هذا المجال، وكذلك اليابان والتي تتميز بتبنيها لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المدن، مثل طوكيو وأوساكا وناغويا، لتحسين الخدمات وتوفير الطاقة وتحسين النقل بشكل عام، وتشهد عدة مدن في الولايات المتحدة الأمريكية مثل سان فرانسيسكو ونيويورك وشيكاغو جهودا كبيرة لتطبيق التكنولوجيا في تحسين الخدمات الحكومية وتعزيز الاستدامة، وتتميز مدن مثل سيول وبوسان في كوريا الجنوبية باستخدامها الواسع للتكنولوجيا في تحسين النقل وإدارة الموارد وتوفير الطاقة، وتعد سنغافورة من الدول الرائدة في مجال المدن الذكية، حيث توظف التكنولوجيا بشكل شامل في تحسين جودة الحياة وإدارة الموارد وتقديم الخدمات الحكومية. 
وفي السعودية حيث تشهد عدة مدن مشاريع تطويرية حضارية ضخمة تتضمن تطبيق واستخدام التكنولوجيا في البنية التحتية لتحسين جودة الحياة، وأرى أن مستقبل المدن الذكية فيها يعد واعدا ويشهد تطورا مستمرا، وأن التشجيع على الابتكار وريادة الأعمال في هذا المجال للشركات الناشئة والمبتكرة والمراكز والهيئات والمدن البحثية سيحقق وبشكل فعال الاستدامة البيئية والنمو الاقتصادي المأمول.            

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي