الصين تواجه فخ الدخل المتوسط
في منتدى تنمية الصين هذا العام (الاجتماع السنوي الأعلى مستوى بين كبار صناع السياسات الصينيين وكبار المسؤولين التنفيذيين، وصناع السياسات الحاليين والسابقين، والأكاديميين من أمثالي)، ركزت المناقشة بشكل مباشر على خطر انزلاق الصين إلى "فخ الدخل المتوسط" المخيف. ففي نهاية المطاف، نجحت قِـلة من الاقتصادات الناشئة في الانضمام إلى صفوف البلدان المرتفعة الدخل.
ترى هل تكون الصين استثناء لهذا النمط؟ بعد أكثر من ثلاثين عاما حققت فيها الصين معدلات نمو سنوية تقترب من 10%، شهد اقتصادها تباطؤا حادا في هذا العقد. وحتى في العام الماضي، مع الانتعاش القوي بعد انتهاء العمل بسياسة "خفض الإصابات بكوفيد-19 إلى الصفر"، بلغ النمو وفقا للقياسات الرسمية 5.2% فقط. والأسوأ من ذلك أن تقديرات صندوق النقد الدولي تشير إلى أن نمو الصين سيهبط إلى 3.4% سنويا بحلول عام 2028، ونظرا لسياساتها الحالية، يتوقع عدد كبير من المحللين ألا يتجاوز معدل نموها المحتمل 3% بحلول نهاية هذا العقد. إذا حدث ذلك، فستجد الصين نفسها بالفعل في فخ الدخل المتوسط.
فضلا عن ذلك، تتسم المشكلات التي تواجهها الصين بكونها بنيوية وليست دورية. يرجع التباطؤ في الصين، بين عوامل أخرى، إلى الشيخوخة السكانية السريعة، والفقاعة العقارية المنهارة، والأعباء الهائلة المترتبة على الديون الخاصة والعامة (التي تقترب الآن من 300% من الناتج المحلي الإجمالي)، والتحول من الإصلاحات الموجهة نحو السوق إلى رأسمالية الدولة مرة أخرى.
خلال هذه الفترة الجديدة من انحسار العولمة والنزوع إلى الحماية، يبدو أن الصين بلغت حدود النمو القائم على التصدير. تعمل العقوبات التكنولوجية التي يفرضها الغرب لدوافع جيوسياسية على تقييد نمو قطاعات التكنولوجيا الفائقة لديها والحد من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر؛ ويعمل الاقتران بين ارتفاع معدل ادخار الأسر المحلي وانخفاض معدلات الاستهلاك (نظرا لضعف التأمين الاجتماعي وانخفاض حصة دخل الأسر) على عرقلة النمو بدرجة أكبر.
لقد تعطل نموذج النمو الصيني القديم. في البداية، كانت الأجور المنخفضة في الصين (وبالتالي القدرة على المنافسة دوليا) تعني أنها تستطيع الاعتماد على التصنيع الخفيف والصادرات، قبل ملاحقة استثمارات ضخمة في البنية التحتية والعقارات. والآن، تدعو السلطات الصينية إلى النمو العالي الجودة اعتمادا على التصنيع المتقدمة تكنولوجيا والصادرات (المركبات الكهربائية، والألواح الشمسية، وغير ذلك من المنتجات الخضراء ومنتجات التكنولوجيا الفائقة) بقيادة الحوافز المالية المقدمة للشركات المملوكة للدولة المتضخمة بالفعل.
وبالفعل، يعمل فائض العرض في الصين (نسبة إلى الطلب المحلي) على إنتاج ضغوط انكماشية، ما يزيد من خطر الركود المزمن. عندما كانت الصين أصغر حجما وأكثر فقرا، كان من الممكن التحكم في أي زيادة حادة في صادراتها في الأسواق العالمية. ولكن الآن بعد أن أصبحت صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فإن أي إغراق لقدرتها الفائضة سوف يقابله مزيد من التعريفات الصارمة وتدابير الحماية التي تستهدف السلع الصينية.
تحتاج الصين بوضوح إلى تعزيز ثقة القطاع الخاص وإحياء النمو بالاستعانة بنموذج اقتصادي أكثر استدامة، فمن غير الواضح ما إذا كان قادة الصين يقدرون بشكل كامل التحديات التي يواجهونها. وفي حين أشرف الرئيس شي جين بينج على العودة إلى رأسمالية الدولة على مدار العقد الماضي، يبدو أن رئيس الوزراء لي تشيانج، وهو إصلاحي معروف موجه نحو السوق.
خاص بـ" الاقتصادية"
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2024.
www.project-syndicate.org