أباطرة التكنولوجيا أمام عنق الزجاجة دون إمدادات وفيرة من الطاقة
يتطلب إنشاء نظام ذكاء اصطناعي فائق بعض المكونات البسيطة: مجموعة لا نهاية لها تقريبا من البيانات، وجيش من خبراء التكنولوجيا، ومليارات الدولارات من الرقائق الدقيقة المتقدمة، وكمية هائلة من الكهرباء.
ومع إنفاق وادي السيليكون مبالغ هائلة في سباق بناء الذكاء الاصطناعي، أصبح عمالقة التكنولوجيا أمام عنق الزجاجة، فدون إمدادات وفيرة من الطاقة، لن يتمكنوا من بناء مراكز ضخمة للحوسبة الفائقة التي يعتقدون أنها ستستضيف الجيل التالي من أنظمة الذكاء الاصطناعي.
وبحسب "ذا تليجراف"، عمل مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، على تجميع مجموعة كبيرة من أحدث شرائح الذكاء الاصطناعي من "إنفيديا"، ربما هي الأكبر في العالم. وقال إن استخدامها كلها قد يتطلب إمدادا مخصصا من الطاقة النووية.
حديث زوكربيرج ليس مجرد ثرثرة، فالسباق المستميت على الطاقة يثير موجة من الاهتمام بالطاقة النووية بين أباطرة التكنولوجيا في العالم. ويتحول أصحاب رأس المال المغامر إلى داعمين للطاقة النووية، مراهنين عليها لاستمرار طفرة الذكاء الاصطناعي.
شخصيات مثل مارك أندريسن، المستثمر التكنولوجي البارز، تروج للتقدم السريع في مجالات مثل الطاقة النووية، واصفا إياها بـ"الحل المعجزة".
وصف إيلون ماسك إغلاق المحطات النووية بأنه عمل "مناهض للإنسانية". فيما استثمر بيل جيتس وجيف بيزوس، وهما اثنان من أغنى الأغنياء في العالم، في شركات نووية ناشئة.
أما سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن أيه آي، فدعم الطاقة النووية منذ سنوات، باستثماره في شركات متخصصة في هذا النوع من الطاقة.
وتتسابق الشركات لتأمين احتياجاتها المستقبلية، في العام الماضي، وافقت "مايكروسوفت" على أول صفقة لشراء كهرباء مولدة من الاندماج النووي في العالم من "هيليون". واستحوذت "أمازون" على مركز بيانات يعمل بالطاقة النووية في ولاية بنسلفانيا في مارس.
وأكبر مشكلة تواجه الصناعة هي أن الذكاء الاصطناعي يتطلب كميات هائلة من الطاقة من مصدر ما، حيث تقدر وكالة الطاقة الدولية أن تتضاعف كمية الكهرباء التي تستخدمها مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي بحلول 2026، وقد تستهلك حينها مستويات طاقة مماثلة لاستهلاك اليابان. وحسب التقديرات، استعلاما واحدا على شات جي بي تي يتطلب كهرباء تستهلكها 15 عملية بحث على جوجل.
ومع أن شركات التكنولوجيا استثمرت في طاقة الرياح والطاقة الشمسية، إلا أن إمداداتها المتقطعة لا تناسب مراكز البيانات التي تعمل على مدار الـ24 ساعة. مع الطاقة النووية لا تواجه الشركات مثل هذه المشكلة.
قال تيموثي جيتزل، الرئيس التنفيذي لشركة كاميكو الكندية لتعدين اليورانيوم: "ولت أيام طرح التكنولوجيا الجديدة دون القلق بشأن الآثار البيئية المحتملة في المستقبل (...) الطاقة النووية هي الخيار الرابح الواضح".
تستعد شركات الذكاء الاصطناعي للاستثمار بشكل كبير في مشاريع ضخمة. مثلا تعمل "أوبن أيه آي" و"مايكروسوفت" على مشروع قد يكلف نحو 100 مليار دولار لتطوير أكبر حاسوب فائق السرعة في العالم. وتكهن محللون في مورجان ستانلي الأسبوع الماضي بأنه سيكون مدعوما من عدة محطات نووية.
أخبر ألتمان المستثمرين عن حاجته إلى ما يصل إلى 7 تريليونات دولار لتحقيق طموحاته في مجال الذكاء الاصطناعي، من بينها إنشاء مصادر مستقلة للطاقة. قال ذات يوم إن الذكاء الاصطناعي سيكون أهم اختراع في تاريخ البشرية، لكن دون الطاقة النووية، لن نكون قادرين على تشغيله.