كيف يمكن أن ينمو الاقتصاد العالمي في 2024؟

الأمر الجيد أن ظروف الاقتصادات العالمية تسير نحو التحسن والتعافي التدريجي رغم مستويات التضخم التي شهدتها الاقتصادات المتقدمة ويترافق مع ذلك التحسن في الأنشطة الاقتصادية ومع تسجيل مكاسب في الدخل الحقيقي والإنفاق الاستهلاكي خلال الربع الأول من 2024 حيث توقعت "يورومونيتر إنترناشيونال" أن نمو الناتج المحلي العالمي الحقيقي 2.9 ٪ إضافة إلى أن التضخم العالمي متوقع تراجعه إلى 6.4 ٪، وهي توقعات متفائلة.
تعد التحديات الجيوسياسية وسياسات التشديد النقدي من الفيدرالي الأمريكي لا تزال غير منسجمة مع كثير من الاقتصادات، أي إن الاقتصاد الأمريكي يمثل عبئا على معظم الاقتصادات بما فيها الاقتصادات النفطية وبشكل جوهري مع تذبذب أسعار الدولار وتأثيره الكبير في الأداء الاقتصادي للدول ذات الدخل المرتفع التي تصدر الموارد الأساسية بما فيها النفط والغاز.
من منظور اقتصادي ستظل الدول الناشئة المصدر الأساس لتماسك معدل النمو العالمي ويعزى ذلك إلى قوتها في الاستهلاك وجذب الاستثمارات وتوليد الإنتاج حتى مع سياسات تشديد السياسات النقدية، والعالم لا يزال يعقد الأمل على الدول الناشئة في قدرته على تحريك الطلب العالمي نتيجة لما وصلت له الاقتصادات المتقدمة من معدلات نمو هامشية من حيث نسبة التغير السنوية.
توقعات صندوق النقد والمؤسسات الاقتصادية ترى أن التضخم لا يزال العقبة الأكبر أمام الناتج المحلي العالمي، إضافة إلى القلق المتزايد من التحديات الجيوسياسية التي تعوق الطلب الخارجي. علاوة على ما سبق، سعر الفائدة من أبرز وأهم العناصر التي تقيد نمو الاقتصادات المتقدمة تحديدا، أما الاقتصادات الناشئة فلا يزال معظمها يتحرك بشكل متباين مقارنة بالمتوسطين العالمي والإقليمي، ومن الجوانب الاقتصادي المهمة في 2024 سنرى أن الناشئة ستكون الأكثر ثباتا حتى 2027.
ثم إن الرهان أمام الاقتصادات المتقدمة في تحقيق مستويات نمو اقتصادي واختراق متوسطات النمو العالمي الهشة سيكون من خلال زيادة إنتاج السلع فائقة التقنية، لأن التقدم الذي تحققه كثير من الدول الناشئة بقيادة الصين أصبح يشكل عقبة لنمو الاقتصادات المتقدمة ومحاولات النمو التقليدي للدول المتقدمة مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية لن يكون كافيا مع مستويات التضخم الحالية.
أخيرا: لا توجد وصفة موحدة تلائم معظم الاقتصادات لتجاوز الوضع الاقتصادي الهش، ولكن يتعين على صناع السياسات الاقتصادية ضرورة مراقبة الآثار الناجمة عن سياسات التشديد النقدي وعدم فصل تلك الانعكاسات عن طبيعة كل نظام اقتصادي وكفاءته الاقتصادية المحلية أو الإقليمية، فالدول التي تملك مقومات معاكسة للدورة الاقتصادية الأمريكية عليها التفكير في السياسات المالية لتحفيز اقتصادها الداخلي والعمل على تحفيز الابتكار والبحث ومعالجة تحديات القطاع الخاص وتخفيف الالتزامات التي قد تعوق نموه وفتح شراكات تجميع بين السياسة والاقتصاد على المستويات الإقليمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي