تنمية الأصول غير الملموسة وحمايتها

تنقسم الأصول على وجه العموم إلى أصول ملموسة وغير ملموسة ويأتي هذا التقسيم بقواعده المعتمدة عالميا من خلال المعايير الدولية للمحاسبة، هي تصانيف تعتمدها الكيانات التجارية لتعريف ما تمتلكه من أصول في موجوداتها وبالتالي قوائمها المالية، إن الأصول الملموسة هي أصول عينية ومنتجة قابلة للتقييم والتقدير إما من خلال التسعير السائد أو من خلال الأسواق المالية، فإذا تملكت منشأة اقتصادية مصنعا بهذا تكون قد تملكت معدات ذات قيمة معلومة واضحة خاضعة لتقييم المعدات والمنتج منها، وإذا كان هذا المصنع يتطلب تدخل أي من السلع في الإنتاج واشترت المنشأة طنا واحدا من النحاس سيكون تسعيره وفقا لسوق السلع كون النحاس سلعة متداولة ولها سوق.

أما الأفراد فمنظور الأصول لهم مختلف بطبيعة اختلافهم عن الكيانات التجارية، يشتري الأفراد مقتنياتهم في الغالب على صورة أصول ملموسة من الممكن تقييمها وتسعيرها بناء على فئة ونوع الأصل المشترى إن كان أصلا عقاريا كالمساكن، المحال التجارية، الأراضي وغيرها من الأصول الأخرى المتاحة للجميع بيعا وشراء، وتعد هذه شكلا من أشكال الأصول الأساسية التي يسعى الأفراد إلى تملكها، وتعد مخزنا للقيمة تتزايد مع الوقت والظروف الاقتصادية المحيطة بناء على الطلب الآن وفي المستقبل، تتطور هذه القائمة من الممتلكات مع تحسن الوضع المالي للأفراد وصولا إلى السيارات الفاخرة، اليخوت، الطائرات الخاصة وكلها ضمن أصول يمكن تقييمها، إلى المرحلة التي ينتقل فيها إلى أصول يصعب تقييمها بمعطيات اقتصادية اعتيادية مثل العرض والطلب والاحتياج الإنساني، ماذا لو قرر أحد الأثرياء اقتناء لوحة لرسام عالمي مشهور! ماهي القيمة الملموسة لهذه اللوحة؟ كيف من الممكن تقييم الخيل؟ الإبل؟ الصقور؟ كيف لنا أن نقيم براءة اختراع لعالم، كتابا لمؤلف، قصيدة لشاعر، مقطوعة موسيقية لملحن، منحوتة لفنان؟ كل هذه الأصول لا تعتمد في تسعيرها على قيم مادية ترتبط بها.

كانت هذه الأصول غير الملموسة والفكرية منها عرضة للسرقة والانتحال حتى بدأ العالم في سن الأنظمة والتشريعات لحمايتها وحماية المفكرين والمبتكرين ما أسهم في التحفيز لمزيد من مشاريع الأبحاث والتطوير واستمر تطوير منظومة التشريعات لتحمي الأدباء والفنانين من خلال تشريعات حقوق الملكية الفكرية.

على الجانب الفردي السعودية تزخر بمجموعة كبيرة من الأصول غير الملموسة والحقوق الفكرية لأدباء، مخترعين، فنانين، وعلى جانب الكيانات الاقتصادية فالسعودية غنية بالعلامات التجارية عالية القيمة مثل أرامكو، الأهلي، إس تي سي، المراعي وغيرها كثير للحد الذي جعل من حمياتها واجبا وطنيا، على ضوء ذلك أنشئت الهيئة الملكية للملكية الفكرية. إنشاء الهيئة قسم الأدوار إلى 3 أدوار، دور الهيئة التوعوي بالأنظمة والقوانين وسبل الاستفادة منها لحماية هذه الأصول، دور المفكرين لتعزيز إنتاجهم وحمايته عبر هذه المنظومة من التشريعات، والدور الثالث يعتمد على المؤسسات التعليمية والثقافية لتعزيز الإنتاج الفكري وحمايته.

حمل الأسبوعان الماضيان حدثين يختصان بالملكية الفكرية الأول وفاة الأمير والأديب والشاعر بدر بن عبد المحسن -رحمه الله- الذي بكلماته سطر مخزونا شعريا ولغويا عميقا لا يمكن وضعه في إطار تقييمي ولكن يتوجب حفظه لأنه إرث ثقافي ثمين، وفي الطرف الآخر حقق صندوق الاستثمارات العامة مرتبة متقدمة بعلامته التجارية بين المؤسسات المالية العالمية وكان الأول من حيث قيمة العلامة مقارنة بالصناديق السيادية الأخرى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي