أشباه الموصلات ركيزة لاقتصاد رقمي متقدم

تلعب أشباه الموصلات دورًا مهماً وحيوياً في تشغيل معظم الأجهزة والأنظمة الإلكترونية، التي نعتمد عليها في حياتنا اليومية، مثل الهواتف الذكية، وتطورت إلى أن أصبحت مكوناً رئيساً في تصنيع السيارات الكهربائية وكثير من المعدات والأجهزة الطبية وأنظمة الاتصالات وغيرها، وتعد بمنزلة العمود الفقري للتكنولوجيا الحديثة، وتجاوز تأثيرها التقني إلى الجانب الاقتصادي، حيث فتحت فرصًا كبيرة للتنمية من خلال الابتكار والتطوير، ولعلي في هذا المقال أتطرق بشمولية عن هذا الموضوع والدور البارز لهذه التقنية في النمو الاقتصادي وتطوره. 
من الناحية الفنية، يتم تصنيعها من مواد مثل السيليكون والجاليوم أرسنيد وغيرها من المركبات بحيث يكون لديها القدرة على توصيل الكهرباء تحت ظروف معينة، ما يميزها في التحكم الدقيق للتيار الكهربائي، وهذه المواد تشكل الأساس للدوائر المتكاملة، الترانزستورات، وغيرها. ولذا أصبح لها دورًا رئيسا في تحفيز الابتكار بشكل واسع، وأصبحنا نرى  ابتكارات جديدة من خلال تطورها المستمر، في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، إنترنت الأشياء، والحوسبة السحابية، وأصبحت تُستخدم في تطوير أجهزة الاستشعار والمعالجات الدقيقة التي يعتمد عليها كثير من التطبيقات في عديد من المجالات، ما جعل الاستثمار فيها امراً مهما في تعزيز الاقتصاد كثيرا. 
ولعلي أشير إلى بعض الأمثلة الدولية في هذا الشأن، فعلى سبيل المثال، تعد الولايات المتحدة من الدول الرائدة في صناعة تقنية أشباه الموصلات، وتسهم بشكل كبير في الاقتصاد هناك من خلال إيجاد فرص عمل جديدة وزيادة الصادرات، وتعد هذه التقنية هناك من أكبر مصادر التوظيف والإيرادات، ويقوم بهذا الدور عديد من الشركات الكبرى، مثل: شركة أنتل، التي تعد من أكبر الشركات المصنعة للمعالجات الدقيقة في العالم، وغيرها من الشركات، مثل: شركة أيه أم دي وشركة نفيديا. 
وفي كوريا الجنوبية، تشكل صادرات هذه التقنية جزءًا كبيرًا من إجمالي الصادرات الوطنية، من خلال شركاتها، كسامسونج للإلكترونيات وإس كيه هاينكس وغيرها، حيث تسهم في تعزيز النمو الاقتصادي من خلال استثماراتها في البحث والتطوير وابتكار منتجات جديدة تلبي احتياجات السوق العالمية، فهي تعد من القوى العالمية في صناعة أشباه الموصلات. 
ومن الأمثلة أيضاً تايوان، التي تعد مركزًا عالميًا لصناعة هذه التقنية، فشركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات تعد أكبر شركة لتصنيع أشباه الموصلات في العالم، وتلعب دورًا حاسمًا في تزويد الشركات العالمية بالمكونات اللازمة لتطوير أجهزتها الإلكترونية. وتستثمر الصين ايضاً مليارات الدولارات في تصنيع هذه التقنية، لكسب الريادة على مستوى العالم.
وفي السعودية وفي إطار رؤية 2030، تسعى إلى تنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على النفط من خلال تطوير قطاعات اقتصادية جديدة، بما في ذلك صناعة التكنولوجيا وأشباه الموصلات. 
وأخيرا، استضافت منتدى أشباه الموصلات، وهو حدث دولي يجمع قادة الصناعة والخبراء والأكاديميين لمناقشة أحدث التطورات والتحديات في هذا المجال، وتم الإعلان فيها عن مبادرات وبرامج وصندوق بقيمة مليار ريال لدعم هذه الصناعة، وأطلق مركزا وطنيا وغير ذلك الكثير، لإدراكها أهمية هذا القطاع في تعزيز الاقتصاد وصنع استثمارات واعدة.
 ولا شك أن هناك تنافسا وتحديا قويا في هذا المجال، وأرى أن توفير البنية التحتية المتقدمة والمرافق اللازمة وتأهيل الكوادر الوطنية من خلال البحث والتطوير والابتكار والتركيز والمتابعة، سيزيد من فرص جلب مزيد من المستثمرين ورواد الأعمال الملهمين والعلماء والباحثين المميزين، ما يجعل ذلك منه ركيزة لاقتصاد وطني رقمي بارز.            

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي