الموجات التصحيحية والفرص الاستثنائية

حققت المؤشرات الأمريكية خلال الأسبوع الماضي أعلى مستوى لها في تاريخها، بداية من مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الذي يطلق عليه اختصارا "سباكس" ويتداول تحت رمز (SPX) وهو المؤشر الأوسع نطاقا، الذي يعد الأكبر بين مؤشرات الأسواق على مستوى العالم، والأهم بين مؤشرات السوق الأمريكية، حيث يضم أكبر 500 شركة متداولة في السوق الأمريكي من حيث القيمة السوقية، التي تمثل قطاعات عدة متنوعة، وتحتل فيه شركات التكنولوجيا النسبة الأكثر تأثيرا في حركته، كشركة أبل ومايكروسوفت وإنفيديا.
ففي الأسبوع الماضي حقق المؤشر أعلى مستوى له متجاوزا منطقة 5500 نقطة وتحديدا وصل المؤشر لمستوى 5505، وبالوقت ذاته حقق مؤشر الناسداك أعلى مستوى له عند 18 ألفا تفصله عنها نحو 70 نقطة فقط، الذي يضم أكبر 100 شركة في قطاع التكنولوجيا، بينما في وقت سابق كان مؤشر الداو جونز هو الآخر قد حقق رقما قياسيا متجاوزا مستوى 40 ألف نقطة، هذه الارتفاعات انعكست على الأسواق العالمية الأخرى، لكن السوق السعودية لم تتأثر كثيرا بهذه الارتفاعات، ويعزى ذلك لأسباب عدة منها مرور السوق بإجازة عيد الأضحى المبارك تلى ذلك دخول موسم الإجازة الصيفية التي غالبا ما تشهد فيه السوق بعضا من التراجعات وضعفا في السيولة، كذلك تتزامن هذه الأسباب مع قرب نهاية الربع الثاني من العام الجاري وبداية إعلانات نتائج الشركات عن أعمالها خلال هذا الربع، تعد هذه الأسباب هي الأبرز فيما يتعلق بالجانب الداخلي، وتبقى هناك مؤثرات خارجية تضغط على السوق منها ارتفاع معدلات الفائدة وتعافي الدولار.
كل ما سبق من مؤثرات داخلية أو خارجية -فضلا عن أن السوق تتداول في موجة هابطة "تصحيحية" منذ آواخر مارس الماضي- تشكل ضغطا على السوق، لكن بالوقت ذاته تعد الموجات التصحيحية موسما للتمركز حيث تتولد معها الفرص وتتجدد، لذلك ما يأخذه كبار المستثمرين من صناديق أو أفراد بالحسبان خلال هذه الفترات هو التركيز على القطاعات المتوقع لها نتائج إيجابية سواء من حيث العوائد أو النمو، كذلك القطاعات التي شهدت تراجعا أكثر من غيرها وبالذات الشركات التي تسعرها السوق خلال فترة التصحيحات بأقل من قيمتها التي يرى المستثمرون أنها تستحق أكثر منها.
أيضا هناك قطاعات قيادية قد تستفيد من تحركات النفط إلى أعلى مستقبلا، والذي ينعكس إيجابا بشكل عام على أداء السوق، على رأسها قطاع الطاقة يليه قطاع البتروكيماويات الذي تأثر بضعف الطلب وتدني أسعار منتجاته كثيرا خلال العامين الماضيين ولا يزال يعاني ذلك، وأي بوادر تحسن بالطلب قد يمنح القطاع قوة في التحرك إلى أعلى، ومن القطاعات كذلك قطاع البنوك والمصارف الذي يعد أكبر المستفيدين من قرب خفض الفائدة التي تشير له معظم التوقعات، فالقطاع عموما استفاد من رفع الفائدة من حيث إقراض الشركات والقطاع الخاص وسيستفيد كذلك عند خفضها حيث ستعزز زيادة نسبة القروض المقدمة للأفراد سواء الشخصية أو السكنية التي شهدت تراجعا خلال فترة رفع الفائدة لمستويات عالية.
أما من الناحية الفنية وما يتعلق بحديث التشارت فالسوق لا تزال محصورة بين نطاق 11950 كمقاومة ومستوى 11450 نقطة كدعم، وكسر كل منهما يشير إلى الاستمرار بالاتجاه نفسه الذي تم كسره (اختراقه). والله أعلم بالصواب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي