بالأرقام .. أمين «أوبك» يفند قدرة المعادن الحرجة على دعم تطوير مصادر الطاقة المتجددة

بالأرقام .. أمين «أوبك» يفند قدرة المعادن الحرجة على دعم تطوير مصادر الطاقة المتجددة
الأمين العام لمنظمة أوبك هيثم الغيص

قال الأمين العام لمنظمة أوبك هيثم الغيص، إن أولئك الذين يتحدثون عن فكرة أن المعادن الحرجة تعد العالم بمستقبل يعتمد فقط على مصادر الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، لا يظهرون الصورة الكاملة.
وأوضح الغيص في مقال "المعادن الحرجة: تقييم واقعي" الذي نشره موقع المنظمة، أنه "كما تواصل أوبك دعواتها، هناك مسارات طاقة مستقبلية كثيرة للدول والشعوب في شتى أنحاء العالم، علينا أن نكون واقعيين حيال كيفية تحقيقها".
وبين أنه رغم أن مسارات الطاقة المستدامة تعد أمرا مهما لسكان العالم، علينا أن نأخذ في الحسبان، تقدير التأثيرات الحقيقية للسيناريوهات والسياسات الرامية إلى تكثيف مصادر الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية.
وفي مقاله، سرد الأمين العام لمنظمة أوبك، الأسباب التي دعته لإعلان ذلك، بالقول "هذه المعادن، مثل النحاس والكوبالت والسيليكون والنيكل والليثيوم والجرافيت والعناصر الأرضية النادرة، تدعم تطوير مصادر الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، لكن وكالة الطاقة الدولية تقول إنه في سيناريو صافي الانبعاثات الصفرية بحلول 2050، يتضاعف الطلب على المعادن الحرجة 4 مرات بحلول 2040. وهي وتيرة لم يسبق لها مثيل في التاريخ".
وأكد أن "الغاية من تسليط الضوء على هذا الموضوع لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن تقلل من الأهمية التي توليها أوبك لدور مصادر الطاقة المتجددة والكهرباء في مستقبل الطاقة، إذ تجري دولنا الأعضاء استثمارات ضخمة في مصادر الطاقة المتجددة، في جميع مراحل سلاسل التوريد، وتشارك في تطوير المركبات الكهربائية".
وتابع أنه مع ذلك، "نحن بحاجة إلى التفكير مليا في طبيعة هذا التوسع في متطلبات المعادن الحرجة. هل هذا النوع من التوسع ممكن حقا؟ ما الآثار المترتبة على ذلك؟ ما مدى استدامتها؟ وما مدى أهمية الدور الذي يلعبه النفط والغاز في توسع المعادن الحرجة، وكذلك مصادر الطاقة المتجددة، والمركبات الكهربائية وشبكاتها".
وفي سيناريو وكالة الطاقة الدولية المذكور، بحلول 2040، يرتفع الطلب على النحاس 50 %، ويتضاعف الطلب على العناصر الأرضية النادرة تقريبا، ويزيد الطلب على الكوبالت أكثر من الضعف، والطلب على النيكل يقارب ثلاثة أضعاف.
وهذه ليست أكبر الزيادات حتى، إذ ينمو الطلب على الجرافيت أربع مرات تقريبا، ويشهد الليثيوم توسعا يبلغ تسعة أضعاف تقريبا بحلول 2040، ما يؤكد دوره الحاسم في البطاريات، بحسب الغيص.
وسيتطلب ذلك بناء عدد كبير من المناجم الجديدة، ففي 2022، قالت وكالة الطاقة الدولية، إنه بحلول 2030، سيحتاج العالم إلى بناء 50 منجما جديدا لليثيوم و60 منجما جديدا للنيكل و17 منجما للكوبالت.
ووفقا للغيص، يجب أن يؤخذ في الحسبان أنه، تاريخيا، كانت مشاريع سلاسل التوريد الحرجة، لمثل هذه الأنواع من السلع، تستغرق مهل تطوير طويلة، من الاكتشاف إلى الإنتاج الأول. وهذا يطرح السؤال التالي: هل هذا النمو واقعي؟ وماذا سيكون التأثير إن لم يتحقق النمو المرجو، والسؤال الذي لا يقل أهمية، ماذا لو اتبع صناع السياسات أيضا مسار وقف الاستثمار في مشاريع النفط والغاز الجديدة؟
وأشار أمين منظمة أوبك إلى أن تطوير المعادن الحرجة ينطوي على عمليات استخراج ومعالجة تضر البيئة وتبين قساوة العمليات التي يتطلبها عالم موصول بالكهرباء. فالمركبات الكهربائية، وتوربينات الرياح، والألواح الشمسية، وكذلك الشبكات الجديدة، كلها متعطشة للمعادن الحرجة. يتضح هذا أكثر عند عقد مقارنات.
وأوضح أن السيارات الكهربائية تحتوي على 200 كيلو جرام من المعادن تقريبا. وعلى النقيض، يستخدم نحو 34 كيلوجراما في السيارات التقليدية. ويتطلب كل ميجاواط من الكهرباء التي تنتجها توربينات الرياح البحرية نحو 15 طنا من المعادن، في حين تتطلب الطاقة الشمسية نحو 7 أطنان، أما الغاز الطبيعي فيزيد قليلا على طن واحد.
ويعد استخراج المعادن الحرجة أيضا نشاطا يستهلك طاقة هائلة، وهو نشاط قائم اليوم على الهيدروكربونات ولا يمكن أن يعمل بطريقة أخرى.
ولفت إلى استخدام الفحم والغاز أساسي في تكرير المعادن من خلال عمليات حرارية وكيميائية مختلفة، مستدلا على ذلك بأنهما يستخدمان في المزج، للمساعدة على إزالة المعادن الأخرى، والتسخين إلى درجات حرارة عالية لإنتاج معادن أنقى. وتستخدم المنتجات النفطية أيضا في الحفارات والجرافات وشاحنات التفريغ، إضافة إلى طرق النقل المختلفة لنقل المعادن من مراكز العرض إلى مراكز الطلب.
وبين أن استهلاك الطاقة هي نقطة رئيسة أخرى، فيمكن أن تشهد أنشطة التعدين زيادة بأكثر من خمسة أضعاف بحلول منتصف القرن، ومن المتوقع أن ينبع أحد أكبر مصادر الطلب الجديد على المعادن، خاصة على النحاس، من الحاجة إلى بنية تحتية جديدة لشبكة الكهرباء، مثل خطوط الكهرباء والمحولات.
وأشار إلى أنه في عالم "صافي الصفر" الذي سلطت "بلومبرغ أن إي إف" عالية الضوء، سنحتاج إلى مد شبكة الكهرباء حتى الشمس، بمسافة تبلغ نحو 152 مليون كيلومتر.
وتساءل الغيص "هل الاعتقاد أن مصادر الطاقة المتجددة ستلبي التوسع المتوقع في الكهرباء وحدها واقعي؟ لا سيما بالنظر إلى أن العالم استثمر أكثر من 9.5 تريليون دولار في "التحول" على مدى العقدين الماضيين".
وتابع "مع ذلك لا تزال طاقة الرياح والطاقة الشمسية تمدان العالم بأقل من 4 % فقط من الطاقة، وتتمتع المركبات الكهربائية بمعدل انتشار عالمي إجمالي يراوح بين 2 و3 %".
وبالنظر إلى المستقبل، تشير "بلومبرغ أن إي إف"، في تقريرها الأخير عن "توقعات الطاقة الجديدة"، إلى أن سيناريو صافي الصفر سيكلف 250 تريليون دولار بحلول 2050.
نوه بأن صناع السياسات يدركون الآن متطلبات السيناريوهات الأولية لصافي الصفر التي تستهلك كميات معادن ضخمة، وبدأت تدور أسئلة حول مدى سهولة زيادة إنتاج المعادن الحرجة باستمرار، وهو ما يتجسد في حقيقة أن نسبة زيادة الاستثمار العالمي في 2023 كانت بمستوى أقل مما كانت عليه في 2022.

الأكثر قراءة