إدارة الأزمات الطارئة .. الجمعة مثال

تعرض العالم يوم الجمعة 19 يوليو 2024 إلى ما يشبه ما تنتجه الأفلام من أعطال تقنية مفاجئة تتسبب في شلل الأنظمة حول العالم وتسبب ربكة في سير الأعمال، في الأجواء الأمريكية تأجلت أو ألغيت أكثر من 8 آلاف رحلة وألغيت أكثر من 3500 رحلة جوية دولية في أوروبا إضافة إلى تأثر الأنظمة البنكية لبعض البنوك العالمية الكبرى وبالتحديد الأمريكية والبريطانية، فقد تعرض بنك جي بي مورجان لأعطال في إدارة التداول بسبب هذا الفشل في التحديث، بورصة لندن تعرضت للانقطاع و أعمال تعطلت في بورصة هونج كونج، أنظمة مدفوعات تأثرت ما تسبب في تعثر مبيعات التذاكر لبعض المناسبات الرياضية والترفيهية حول العالم، كذلك مطارات مانشستر، هيثروا وأستراليا حيث ظهر الأثر الأول لهذا الخلل التقني من الأساس، ومطارات أخرى في العالم. أحداث متتالية تثبت بشكل أكبر بأن العالم أصبح كتلة واحدة ما يؤثر بأقصى الكرة الأرضية يمتد إلى كل نواحيها دون شك.

كيف من الممكن أن يقرأ قادة القطاعات وإداريو الجهات التي تعرضت للتعطل أثر هذا الحادث المفاجئ فيها وفي أعمالها؟ خاصة عندما تم التصريح بأن هذا الانقطاع ليس نتيجة لأي هجمات إلكترونية وإنما لخلل فني في أحد ملفات التحديث، خاصة أن الانقطاع كان متفاوتا في أنحاء العالم، على سبيل المثال تعرض القطاع الصحي البريطاني إلى الانقطاع التام ما تسبب في تأجيل جميع العمليات الجراحية ما عدا الطارئة بسبب هذا العطل وتحولت المراجعات الطبية إلى حالة من التكدس، أيضا كيف ستتجاوز شركات الطيران والمطارات أثر هذا الانقطاع، وكم من الوقت تحتاج إعادة الأمور إلى طبيعتها بسبب ترابط العمليات فيما بين المحطات، الطائرات والتوقيت.

إن الخلل الفني الذي طرأ على العالم صنع الفارق بين الجاهزية لاستمرارية الأعمال على أرض الواقع وبين وجودها كدليل استرشادي يكمل بها ملف الأنظمة والتشريعات الداخلية، فهذا الدليل الاسترشادي يفترض محاكاة أكثر الأحداث ندرة في حدوثها لضمان استمرارية الأعمال.

الحدث التقني هذا وهو أحد أكبر الانقطاعات التقنية العالمية كان اختبارا حقيقا لإدارات الأخطار حول العالم وكتيبات ضمان استمرار الأعمال، لم لا! وهذا الانقطاع كان متفاوتا بين دول العالم جميعها، لم لا! وأثر هذا الانقطاع كان متفاوتا بين شركات مختلفة من قطاعات متماثلة. الاستثمار في الحالات الطارئة يشبه أن يشتري الإنسان بوليصة تأمين يمضي الوقت دون استخدامها، ولكن تغطية تأمينية واحدة كفيلة بأن تعوض حاملها ما خسره كل ذلك الوقت، وهذا نفسه ما حصل في هذا الانقطاع التفاوت في الجاهزية والمرونة والتحول بين الأنظمة ووجود دليل استمرارية أعمال فعال وفرق إدارية متمكنة مثل طوق النجاة لهذه المنظومات.

تمكنت السعودية من إدارة هذه الأزمة الطارئة القصيرة بفعالية والفضل في هذا بعد الله إلى الدعم الحكومي والخطط الفعالة الذي تلقته البنية التحتية التقنية فيها، فلم يشهد مستخدمو أي من التطبيقات الحكومية أو غيرها أي انقطاع ومضى اليوم بمرونة، يمتلئ الإنسان فخرا كلما أعلن مشرع أو شركة أن هذا التأثير فيها إما معدوم أو محدود مقابل ما شهده العالم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي