سياحة الوزراء السعوديين

الوزراء السعوديون هذه الأيام .. أحدهم في نيوم واثنان في البرازيل ورابع في كوريا وخامس في باريس، إجازة؟ لا طبعا، بل حراك غير مسبوق لتسريع وتيرة تنفيذ المشروعات الكبرى وجلب مزيد من الخبرات والاستثمارات الأجنبية ودعما لمشروعات الوطن الرياضية والثقافية.

فوزير الاستثمار خالد الفالح يمضي هذه الأيام أوقاته في نيوم بعد أن قضى أياما في تعزيز العلاقة مع إسبانيا، مطلع يوليو الجاري نتج عنها توقيع جملة اتفاقيات في مجال تسهيل الاستثمارات المتبادلة بين الرياض ومدريد.

يزور الفالح نيوم هذه المرة للاطلاع على مسار مشاريعها الكبرى مثل أكساجون وذا لاين وجزر سندالة‬ وشوشة‬ ومشروع تروجينا‬، ويناقش مع المسؤولين هناك الفرص الاستثمارية الحالية والمستقبلية، وينطلق بعدها في جولة على مناطق تبوك وحائل لتفقد مسار حجم الاستثمارات هناك.

أما وزير الصناعة السعودي فقد ركز هذا الصيف على البرازيل إحدى أكبر الدول في العالم في مجال التعدين وهو القطاع الذي تعمل عليه السعودية وتأمل أن يكون الرافعة الحقيقة لتنويع الاقتصاد، لكنه أيضا لم يفوت الفرصة للوقوف على صناعة الطيران المتقدمة في البرازيل فضلا عن قطاع الصناعة في مجال الأغذية.

وزير المالية من ناحيته يمضي أيام هذه الشهور في التنقل بين ساوباولو وريو دجينور البرازيليتين لكونه حامل لواء ملف السعودية في مجموعة العشرين لكن الأمر يتعدى ذلك إلى لقاءات مع المسؤولين البرازيليين وغيرهم لتعزيز الشراكة المالية مع السعودية وطرح مواقف السعودية بشأن الملفات الاقتصادية الدولية.

في المقابل وصل اليوم وزير التجارة الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي، إلى سيول عاصمة كوريا الجنوبية في زيارة ستستمر حتى 31 يوليو الجاري، ويرافقه وفد سعودي ضم مسؤولين من 10 جهات حكومية و55 قياديا من قطاع الأعمال وكبرى الشركات الوطنية؛ بهدف تعزيز العلاقات التجارية في مختلف القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية، ورفع مستوى الشراكة الاقتصادية، إلى جانب المشاركة في منتدى الأعمال السعودي - الكوري.

أما وزير الرياضة الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل رئيس اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية فنجده هذه الأيام في باريس ‫يتنقل بين ملاعبها مؤازرا للاعبين السعوديين المشاركين وداعما لهم لتحقيق واحدة من أهداف المملكة الرياضية وهي المنافسة على الميداليات الأولمبية في كل الألعاب.

إن سفر نحو نصف أعضاء الحكومة وقد يكون أكثر في مهمات عمل وعقد الاجتماعات المطولة والمباشرة وتوقيع الاتفاقيات مع عديد من الدول ذات الاهتمام المشترك هي من السمات الجديدة التي بتنا نلمسها بوضوح في السنوات القليلة الماضية في أداء الوزراء السعوديين، ومن المؤكد أن ذلك سيساعد الحكومة على تنفيذ خططها بصورة أسرع وأكثر وضوحا.

‏الملاحظ أيضا أن زيارات هذا الصيف تأتي في وقت تراجعت فيه وتيرة تدفقات الاستثمار الأجنبي للسعودية إذ تشير الأرقام الرسمية المعلنة إلى تراجع الاستثمار الأجنبي 56% خلال 2023 إلى 46.2 مليار ريال مقابل 105.2 مليار في 2022 (مع الأخذ في الحسبان أنه صعود استثنائي بسبب صفقة ضخمة لأرامكو حينها).

حققت السعودية أرقاما متفاوتة في وتيرة جذب الاستثمارات خلال السنوات الماضية، فقد ارتفع حجمها في الربع الأول 2024 بنحو 636% مقارنة مع الربع الأول من 2017 أولى سنوات الرؤية.

كما أن هذه الزيارات تركز في المقام الأول على الشركاء الجدد إن صح التعبير وهم شركاء الابتكار والتصنيع فعلى أساس أن الصين والولايات المتحدة مثلا شركاء تجاريين تقليدين مع السعودية، ولا مشكلات تذكر في جذب اهتمامهم بالاقتصاد السعودي، فإن زيارة دول مثل فرنسا وإسبانيا وفرنسا وكوريا والبرازيل تأتي في إطار تعزيز العلاقة مع الشركاء الجدد المرتبطين بحاجات مشاريع الرؤية، مثل الصناعات المتقدمة والتعدين والتقنية والترفيه والسياحة والرياضة.

‏المؤكد أيضا أن لقاء الوزير مع قطاع المال والأعمال في الدولة التي يزورها مباشرة يكون فرصة لرجال أعمال تلك الدولة ورؤساء شركاتها لطرح العوائق التي يواجهونها في السوق السعودية وهي فرصة للوزير أيضا للرد على تلك المخاوف وطرح الحلول الممكنة بالتشاور معهم، وبالتأكيد سيعمل على خفض أو معالجتها وهو يسهم في مزيد من الاستثمارات ولا شك.

وضعت السعودية مستهدفا للاستثمار الأجنبي مع إطلاق الرؤية عند مستوى 388 مليار ريال في 2030 لكنه اليوم عند مستوى 46 مليار ريال وفق بيانات عام 2023، ولا شك أن بلوغ هذا المستهدف يشكل تحديا تعمل الحكومة على مواجهته بأدوات مبتكرة لعل "سياحة الوزراء العملية " هي إحدى تلك الأدوات إلى جانب المشاريع النوعية والتسهيلات والحوافز المتطورة.            

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي