هل سيتسبب ترمب في انخفاض أسعار النفط ؟
خلصت دراسة حديثة لمجموعة سيتي جروب المالية إلى أن وصول المرشح الجمهوري دونالد ترمب إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة سيتسبب في انخفاض أسعار النفط.
الدراسة بُنيت على الآراء التي يطرحها ترمب فيما يتعلق بالصناعة النفطية في الولايات المتحدة مقابل الإستراتيجيات الحالية التي يطبقها الديمقراطيون والسياسات والتشريعات البيئية والتنظيمات التي تنظم وتحكم سير وتوسع العمليات في حقول النفط والغاز الأمريكية حالياً، كما اعتمدت الدراسة على القرارات التي تم اتخاذها خلال فترة رئاسته الأولى.
وأشارت الدراسة إلى أن زيادة رسوم التعرفة الجمركية على الواردات من الصين ستكون عاملاً يخفض أسعار النفط، وذهبت إلى أبعد من ذلك إذ أشارت إلى أن المرشح الجمهوري سيمارس ضغطاً على دول أوبك وأوبك + لزيادة الإنتاج، ما سيدفع أسعار النفط إلى الهبوط نتيجة زيادة إنتاج المجموعة من النفط، ما سيقود إلى فائض في الأسواق يرجح العرض فوق مستويات الطلب.
سبب ثالث ذكرته الدراسة في استنتاجها لانخفاض النفط في حال وصول ترمب إلى البيت الأبيض، وهو أنه سيشدد العقوبات على إيران وسيمنع تصدير نفطها للخارج باتخاذ إجراءات أكثر صرامة من بايدن الذي أظهر تراخيا مع الإيرانيين في تصدير نفطهم والالتفاف حول العقوبات.
أما العامل الرابع الذي توقعته الدراسة، فهو أن ترمب سيزيل العوائق التي تمنع انتعاش الصناعة النفطية، وسيعمل على تسهيل الاستثمارات، بما فيها منح التراخيص اللازمة في الأراضي والمياه الفيدرالية، كما أخذت الدراسة في الحسبان انسحاب ترمب من اتفاقيات تدعم البيئة وسبل مكافحة التسخين الحراري والحفاظ على المناخ.
في رأيي أن هذا الاستنتاج لا يتسق مع النظرة المستقبلية لما سيحدث في حال وصوله إلى كرسي المكتب البيضاوي ولا مع إستراتيجيته لانتعاش الصناعة النفطية وازدهارها، بل يتناقض مع معطيات الأسواق، وفقاً للسيناريوات المقترحة في هذه الدراسة.
فترمب -الذي يتلقى دعماً وتبرعات مالية ضخمة لحملته الانتخابية من كبرى شركات النفط الأمريكية- لن يستهدف أسعار نفط منخفضة تؤثر في عوائدهم المالية وتدفقاتهم النقدية وأرباحهم المجزية، ولن يكافئهم بصناعة نفطية تعاني ضغوط هبوط أسعار النفط، وربما خروج بعض الشركات من القطاع، ثم إن من أهم أسباب دعم ترمب للصناعة النفطية هو إيجاد الوظائف في هذه الصناعة ونموها وزيادة قدرتها على خفض معدلات البطالة، وهذا لن يحدث في ظل أسعار منخفضة لخام غرب تكساس.
كما أن تشديد العقوبات على إيران من المفترض أن يمنع فائضا يتدفق إلى الأسواق من خارج منظمة أوبك ومجموعة أوبك +، وهذا بلا شك سيخدم تقييد العرض لا العكس، حيث يضع حداً لبراميل تتدفق دون تحكم ولا حصص مقننة خارج منظومة مراقبة الأسواق.
يحاجج بعضهم أن ترمب سيعمل على زيادة الإنتاج الأمريكي ورفع معدلاته، وبالتالي نفطاً أكثر يتدفق من الحقول الأمريكية بإلغائه القيود على الاستثمارات البترولية في الولايات المتحدة، وهذا نظرياً صحيح، لكنه غير واقعي عملياً، فحتى مع وصوله للبيت الأبيض، فإن أولويات الشركات النفطية ستبقي كثيرا على التدفقات النقدية والأرباح التشغيلية وليس على النمو والتوسع، كما كانت الحال في السابق.
فـ4 سنوات هي عمر ترمب في البيت الأبيض ليست مبرراً كافياً لضخ دورة استثمارية تتضمن بناء بنى تحتية ومشاريع مستدامة كبيرة تؤثر في حجم الإنتاج في ظل عدم وضوح ماذا سيحدث بعد أن يغادر البيت الأبيض، فلم تعد أولويات الشركات النفطية الأمريكية تركز على ضخ استثمارات هائلة تضمن إنتاج لعقود في ظل تغير السياسات، وهذا لن يسمح لزيادة إنتاج معتبرة فوق الرقم القياسي الذي وصل إليه الإنتاج الأمريكي في الأشهر الماضية عندما بلغ 13.3 مليون برميل يومياً.