الشركات الكبرى لـ "الفيدرالي": إما خفض الفائدة أو تسريح الموظفين

موسم الأرباح يرسل إشارة واضحة بأن الشركات تحافظ على عدد الموظفين فقط أملاً في انخفاض تكاليف الاقتراض

عندما يشير الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي للمستثمرين إلى مسار السياسة النقدية المحتمل هذا الأسبوع، بما في ذلك البداية المتوقعة لخفض أسعار الفائدة في سبتمبر، فلن يستطيع أن يشعر بالرضا والطمأنينة بعد الآن تجاه سوق العمل. على مدى شهور، كان صناع السياسة النقدية يشيرون إلى قوة ومرونة أرقام التوظيف، ويعدونها دليلاً على أن خفض أسعار الفائدة لا يشكل ضرورة عاجلة.
غير أن الرسالة القادمة من الشركات الأمريكية التي يتسم نشاطها بحساسية خاصة لأسعار الفائدة كانت واضحة في موسم الأرباح الحالي، وهي أن مستوى الطلب يتراجع، والأمر الوحيد الذي يؤخر عملية تسريح العمال هو ثقة الشركات بأن سلسلة تخفيض الفائدة ستبدأ قريباً وتبشر بتوقعات براقة لعام 2025.
يتعين على الاحتياطي الفيدرالي الآن أن يتخذ سلسلة من قرارات تخفيض الفائدة لا قراراً واحداً من أجل الحفاظ على ثقة قطاع الأعمال، وحتى يضمن عدم تدهور الأوضاع أكثر من ذلك في سوق العمل.
بعد مرور نحو ثلث المدة عقب موسم أرباح الربع الثاني، نجد نسبة الشركات التي تجاوزت توقعات الإيرادات هي الأدنى منذ 2019، وفقاً لـ"بلومبرغ إنتليجنس."
يظهر هذا التباطؤ بوضوح أشد في قطاعات الاقتصاد المرتبطة باقتراض الأسر والائتمان الاستهلاكي.

تراجع الطلب وزيادة البطالة

أدى ضغط ميزانيات الإنفاق إلى فصل بائس بالنسبة إلى صناعة السيارات، حيث نتجت عن ارتفاع المخزون ضغوط هبوطية على الأسعار، وتراجعت هوامش الربح.
كذلك انخفضت مبيعات المنازل القائمة في شهر يونيو إلى نحو أدنى مستوياتها منذ 10 أعوام، وهي أخبار سيئة للشركات التي تعتمد على معدل دوران المنازل مثل شركة "ويرلبول كورب" (Whirlpool Corp) المالكة لشركة "مايتاغ " (Maytag)، التي قالت إن الانتعاش الذي توقعته في 2024 لن يحدث.

أسهمت التغيرات في هذه الصناعات التي تتعامل بشكل مباشر مع المستهلكين، في الارتفاع المستمر في معدل البطالة، الذي وصل الشهر الماضي إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من عامين.
بشكل عام، هذه البيئة هي من النوع الذي يمكن أن يخرج عن السيطرة بسرعة، حتى لو كانت أرقام الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لا تزال تبدو قوية. ففي الربع الأخير من 2007، على سبيل المثال، حقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نمواً بـ2.5 % قبل أن ينزلق الاقتصاد إلى الركود.

تفاؤل الشركات بخفض الفائدة

مع ذلك، توضح التعليقات الصادرة عن عديد من الشركات التي تضررت بشدة، لماذا لن تتكرر الدوامة الهبوطية التي شهدتها سوق العمل خلال الأزمة المالية، إذا تحرك بنك الاحتياطي الفيدرالي بسرعة.
قالت شركة "ويرلبول" أثناء مؤتمر هاتفي للإعلان عن الأرباح إنها ستستفيد بمجرد أن يؤدي تخفيض أسعار الفائدة إلى تخفيف الضغط في سوق الإسكان.
أشارت شركة "برونزويك كورب"(Brunswick Corp)، المتخصصة في صناعة المنتجات البحرية الترفيهية، إلى أن تخفيض أسعار الفائدة الذي سيبدأ في سبتمبر سيوفر رياحاً مواتية في العام المقبل. (نعم، لقد وصلنا الآن إلى المرحلة التي تتابع فيها شركات صناعة القوارب توقعات الاحتياطي الفيدرالي من كثب مثل البنوك).
قالت شركة "بول كورب"(Pool Corp)، المتخصصة في توزيع لوازم أحواض السباحة: إن الطلبات لم ترتفع بعد، لكن زيادة المكالمات الواردة تُظهر أن العملاء ينتظرون فقط تأكيداً على انخفاض تكاليف الاقتراض قبل اتخاذ قرار.

توقعات الشركات والاحتياطي الفيدرالي

في نهاية المطاف، تضع الشركات خطط التوظيف بناءً على توقعاتها للمستقبل. وقد رأينا نسخة متطرفة من ذلك في أواخر عام 2020، عندما كان على شركات تنظيم الحفلات الموسيقية والشركات الأخرى أن تتوقع بسرعة ما ستعنيه الموافقة على لقاحات كوفيد-19 في نوفمبر من ذلك العام بالنسبة إلى خططها لعام 2021. بالنسبة إلى الشركات التي تعتقد أنها ستستفيد من تيسير بنك الاحتياطي الفيدرالي للسياسة النقدية، فإن تباطؤاً في 2024 أكثر من المتوقع أمر مخيب للآمال، لكن من الحماقة أن تستغني عن الموظفين الآن إذا كانت إعادة التوظيف ستكون صعبة بمجرد انتعاش الثقة. ومن الأفضل الحفاظ على القوى العاملة الحالية وإدارة التكاليف قدر الإمكان حتى يتسارع النشاط الاقتصادي في العام المقبل.
من الخطأ أن يطمئن الاحتياطي الفيدرالي إلى الاستقرار النسبي في وتيرة تسريح الموظفين ويؤخر بدء خفض أسعار الفائدة، فعمليات تسريح العاملين لم تحدث لأن الشركات تعتقد أن سياسة التيسير النقدي التي ستفيدها باتت قريبة. وهي تضع خططاً بناءً على تلك التوقعات تماماً كما يقرر الاحتياطي الفيدرالي سياسته بناءً على أداء المؤشرات الاقتصادية.

استجابة الاقتصاد لخفض الفائدة

ما إن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة، خاصة إذا شرع في دورة تيسير متقطعة للسياسة النقدية، فإن فوائد ذلك ستتدفق إلى الاقتصاد الحقيقي مع تأخر يختلف باختلاف القطاع.
نشاط إعادة تمويل الرهن العقاري، على سبيل المثال، أكثر حساسية لانخفاض أسعار الفائدة على قروض الإسكان مقارنة بطلبات الشراء بنظام الرهن العقاري، فقد ارتفع نشاط إعادة التمويل العقاري 40 %، على أساس سنوي، بينما لا يزال نشاط الشراء منخفضاً.
قالت شركة تأجير المعدات "هرك هولدينغز "(Herc Holdings) الأسبوع الماضي: إنه بمجرد أن يشير الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة، يستغرق الأمر نحو 6 أشهر حتى تبدأ المشاريع الجاهزة للعمل بها في نقل التراب، ما يشير إلى أن تخفيض الفائدة في سبتمبر سيفيد نشاط البناء في الربيع المقبل.
لحسن الحظ، يبدو أن الاقتصاد لا يزال في وضع يسمح للاحتياطي الفيدرالي بمنع أنواع النتائج الاقتصادية السلبية التي يرغب صانعو السياسة في تجنبها.
لكن لا ينبغي لهم أن يخطئوا المرونة الظاهرة في البيانات الاقتصادية. فالشركات تعتمد بشكل متزايد على انخفاض تكاليف الاقتراض لتعليق عملية تسريح الموظفين. ويتعين على الاحتياطي الفيدرالي أن يشير هذا الأسبوع إلى استعداده لإنقاذ الموقف.

خاص بـ"بلومبرغ"

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي