ابتزاز مالي بمساعدة الذكاء الاصطناعي يكبد كبار السن الأمريكيين 28.3 مليار دولار
لم يصدق الطلاب -معظمهم ذوو شعر رمادي، وبعضهم يستخدم العصي، وجميعهم في الستينيات من العمر على الأقل- ما كانوا يسمعونه. همس أستاذ جامعي متقاعد: "يا إلهي"، ثم تساءلت امرأة حائرة كانت تدون ملاحظات في الصف الثاني: "هل يأتي مع فيروسات؟"، ثم طرح رجل يبلغ من العمر (79 عاما) يرتدي قميصا أبيض وأسود السؤال الذي يدور في أذهان كثير من الأشخاص: "كيف تعرف ما إذا كان مزيفا أم لا؟"
هذه هي الطريقة التي يتعامل بها كبار السن -الذين عاش كثيرون منهم مع ظهور التبريد، والانتقال من الراديو إلى التلفزيون واختراع الإنترنت ــ مع الذكاء الاصطناعي خلال حضورهم دورة تدريبية بقاعة دراسية في مركز لكبار السن في إحدى ضواحي مدينة شيكاغو، كان الطلاب الاثني عشر يتعلمون عن أحدث -وربما أعظم- قفزة تكنولوجية في حياتهم.
هؤلاء الطلاب ليسوا وحدهم، ففي شتى أنحاء البلاد، نشأت عشرات الدورات التدريبية لتعليم كبار السن عن قدرة الذكاء الاصطناعي على تحويل حياتهم والتهديدات التي تشكلها هذه التكنولوجيا عليهم.
يجد كبار السن أنفسهم في لحظة فريدة مع التكنولوجيا، يقدم الذكاء الاصطناعي فوائد كبيرة لكبار السن، من القدرة على الحد من الشعور بالوحدة إلى تسهيل وصولهم إلى مواعيدهم الطبية.
تتجاوز التهديدات لكبار السن السياسة، وتراوح من المعلومات المضللة الأساسية على مواقع التواصل الاجتماعي إلى عمليات الاحتيال التي تستخدم تقنية استنساخ الصوت لخداعهم.
أشار تقرير صادر العام الماضي إلى أن الأمريكيين الذين تزيد أعمارهم على 60 عاما يخسرون 28.3 مليار دولار سنويا نتيجة مخططات الابتزاز المالي، التي ينفذ بعضها بمساعدة الذكاء الاصطناعي.
قال خبراء من المجلس الوطني للشيخوخة، وهي منظمة تأسست في 1950 للدفاع عن كبار السن، إن الفصول الدراسية حول الذكاء الاصطناعي في مراكز كبار السن زادت في السنوات الأخيرة وهي في طليعة جهود محو الأمية الرقمية.
قالت ديان ستون، المديرة المساعدة في المجلس الوطني للشيخوخة التي أدارت مركزا لكبار السن في ولاية كونيتيكت لأكثر من عقدين من الزمان: "هناك أسطورة مفادها أن كبار السن لا يستخدمون التكنولوجيا، نحن نعلم أن هذا غير صحيح"، مؤكدة أن مثل هذه الدورات تهدف إلى تعزيز "التشكك الصحي" فيما يمكن أن تفعله التكنولوجيا، وتسليح كبار السن الأمريكيين.
غادرت وينستون الفصل لبدء رحلتها الخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، حتى لو ظل الآخرون متشككين. عندما عادت إلى المنزل، قامت الأستاذة المتقاعدة بتنزيل الكتب حول التكنولوجيا، وبحثت عن المنصات التي تريد استخدامها من طاولة مطبخها وفي النهاية سألت "ChatGPT" عن كيفية علاج مرض طبي شخصي.
تهدف مثل هذه الفصول إلى تعريف كبار السن الذين يتبنون هذه التكنولوجيا في وقت مبكر بالطرق العديدة التي يمكن أن تحسن بها التكنولوجيا حياتهم، ولكنها تشجع أيضا على التشكك في كيفية تشويه الذكاء الاصطناعي للحقيقة.
يقول خبراء التكنولوجيا إن التشكك المتوازن أمر بالغ الأهمية لكبار السن الذين يخططون للتفاعل مع الذكاء الاصطناعي.
قال مايكل جيرشباين، مدرس الفصل في نورثفيلد: "إنه أمر صعب. بشكل عام، فإن الشك الموجود من جانب كبار السن أمر جيد، لكنني لا أريد أن يصابوا بالشلل بسبب مخاوفهم وعدم الرغبة في القيام بأي شيء عبر الإنترنت".
تراوحت الأسئلة في الفصل خلال التدريب من السخيفة إلى العملية إلى الأكاديمية، لماذا لم تعد عديد من الأحذية الجديدة تتضمن أربطة الحذاء؟، هل يمكن للذكاء الاصطناعي إنشاء مسار متعدد الأيام لزيارة تشارلستون في ولاية ساوث كارولينا؟، ما هي الآثار الجيوسياسية للذكاء الاصطناعي؟.
أكد غيرشباين، الذي يدرس فصولا حول مجموعة من الموضوعات التكنولوجية،أن الاهتمام بالذكاء الاصطناعي قد تضخم خلال الأشهر التسعة الماضية. يدرس الرجل البالغ ( 52 عاما) دورة في الذكاء الاصطناعي مرة أو مرتين في الأسبوع، ويهدف إلى إنشاء مساحة آمنة حيث يمكن لكبار السن الحضور ومناقشة جميع القضايا التي قد يسمعون عنها أجزاء غير مترابطة لكن يمكن للمدرب جمعها جميعا وتمكين كبار السن من طرح الأسئلة التي تجول في عقولهم.
خلال جلسة مدتها 90 دقيقة في الخميس من يونيو، ناقش غيرشباين مقاطع الفيديو المزيفة -مقاطع الفيديو التي تستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي لجعل الأمر يبدو وكأن شخصا ما قال شيئا لم يقله- عندما قام بتشغيل بعض مقاطع الفيديو المزيفة، جلس كبار السن مذهولين، لم يتمكنوا من تصديق مدى واقعية المقاطع المزيفة، هناك مخاوف واسعة النطاق من أن مثل هذه الفيديوهات يمكن استخدامها لخداع الناخبين، خاصة كبار السن.