عقار واحد مسوق واحد

القطاع العقاري من القطاعات الحيوية ويلعب دورا محوريا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وعلى الرغم من النجاحات التي حققها القطاع، إلا أن هناك فرصة لمعالجة بعض الممارسات وبينها التلاعب بالأسعار من قبل بعض المسوقين غير المرخصين أو غير المحترفين أو التسويق العشوائي الذي يربك استقرار الأسعار، لذا تبرز الحاجة إلى ضوابط تنظيمية، ومبادرة "عقار واحد، مسوق واحد" من خلال عقد تسويق تنفيذي هي من ضوابط الشفافية، وعدالة السوق، واستقرارها سعرياً، وتنظيمياً.
إنفاذ عقد الوساطة من خلال عقد تسويق تنفيذي ومن خلال وسيط واحد وبرقم مرجعي واحد سيقطع الطريق على المزايدات وتسرب غير المرخصين للسوق، ثم إن تغيير حالة الصك إلى معروض للبيع على غرار الرهن العقاري يكشف اتجاهات السوق ويربط تقنيا مع مسوق مرخص واحد فقط ولا تتم الصفقة إلا من خلاله، هذا سيجعل الوسطاء مفضلين لدى الملاك بسبب سرعتهم في البيع، بدلا من رفعهم للأسعار بالتناوب مع مسوقين آخرين، وكذلك يحد من عروض الملاك غير الجادة.
من شأن مبادرة "عقار واحد، مسوق واحد" رفع ثقة البائعين والمشترين والحد من احتمالية التلاعب، وتضمن أن الأسعار المحددة من قبل الملاك هي الأسعار المعروضة والتي يتم التفاوض عليها، ما يجعل السوق أكثر عدلاً ويقلل من تدخل الوسطاء غير المرخصين الذين قد يرفعون الأسعار لتحقيق عمولات أعلى.
في المقابل المسوقون المرخصون سيقدمون خدمات ذات جودة أعلى لأنهم سيكونون مسؤولين بشكل مباشر عن العقار ودون قلق بشأن وجود عروض أخرى لنفس العقار بأسعار مختلفة، لأن فشل التسعير يقلص من فرص إغلاق الصفقة ولا سيما أن الأسعار المتباينة والوهمية تحفز على جشع بعض الملاك.
من جانب آخر: تنشأ مشكلات بشأن المستحق للعمولة من البائعين عند وجود عدد من المسوقين لعقار واحد، وتظهر السوق وكأنها بدائية، ولا سيما أن المشترين والبائعين الأفراد لا يوقعون أي عقود تسويقية، وقد يؤدى إلى تراجع المشتري إذا ما شك المالك في السعر العادل بسبب أن الأسعار متباينة والناتجة أصلا من التسعير العشوائي.
منع تعدد الوسطاء لنفس العقار واختيار وسيط واحد منهجية فعالة في جعل الوساطة عملا مستقرا ومصدر دخل للمواطنين، ومولدا للوظائف بدلا من العمل العشوائي والجزئي خلال فترات المساء، الذي يعكس بدائية العمل الذي نراه في المكاتب العقارية حالياً.
وفي نفس السياق: لضمان عدم التلاعب يتعين وضع لوحات على العقارات المعروضة للبيع تشمل السعر ومواصفات العقار ورقم المكتب ورقم ترخيص البيع، وهذا يسهل التحقق ويحد من الأسعار المفتعلة والعروض المصطنعة في نفس الحي عبر الإنترنت، التي تهدف إلى التلاعب بخوارزميات التطبيقات وليس لها وجود فعلي وروابطها غير صحيحة أو قديمة أو زائفة لصيد عملاء.
كما نرى أهمية قيام المنظم العقاري بإلزام شركات التطبيقات العقارية بوضع الروابط الحقيقية للمواقع وصور لوحات البيع الفعلية التي تحتوي على اسم الوسيط الفعلي، وإلزام التطبيقات كذلك بوضع عدد الصفقات المنفذة فعلياً لكل مسوق وتقييم المسوق بناء على البيع الفعلي والمسجل في سجلات الهيئة أو وزارة العدل، أي إن التقييم على غرار البائعين في المواقع العالمية.
في نهاية المطاف، تتجسد مبادرة "عقار واحد، مسوق واحد" كحل فعال ومبتكر لتحديات الوساطة العقارية، من خلال ترسيخ شفافيتها وتحقيق الاستقرار السعري، والمبادرة تعزز النظام العقاري بشكل كامل. تضع مبادرة "عقار واحد، مسوق واحد" أسسا راسخة لسوق عقارية موثوقة لجميع الأطراف وتصون الاستقرار الاقتصادي. هذا المفهوم الجديد للوساطة العقارية ليس مجرد تغيير سطحي، بل هو تحول يفتت تحديات متشابكة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي