أسواق النفط تترقَب
عودا على بدء، ذكرت في المقال السابق أن أسواق النفط واجهت انخفاضا كبيرا في الأسعار لا يمكن تجاهله، حيث هبط خام برنت النفطي إلى مستويات الـ70 دولارا للبرميل، وهبط الخام الأمريكي إلى مستويات الـ 67 دولارا للبرميل.
أضفت أن هذا الانخفاض يقودنا بطبيعة الحال إلى بعض التساؤلات حول الأسباب التي هبطت بالأسعار إلى هذه المستويات في مدة قصيرة، وهل هذه الأسباب آنية أم قد يمتد أثرها إلى مدة طويلة؟ وهل هناك مزيد من الانخفاض؟ أم ستعود الأسعار إلى سابق عهدها؟ بداية أود أن أشير إلى أن أسعار النفط حافظت على مستوياتها خلال الأسبوع الماضي بعد الانخفاض الملفت الذي شهدته الأسبوع الذي سبقه، حيث يتراوح سعر خام برنت عند مستويات 72 % للبرميل، وسجل الخام الأمريكي حاليا نحو 69 دولارا للبرميل.
وضحت في المقال السابق أن هناك عوامل آنية لها تأثير مباشر وغير مباشر على أسواق النفط ومنظومة العرض والطلب، وأقصد بآنية هنا، هي تلك العوامل الطارئة والأحداث المؤقتة وإن طالت مدتها، وقد تكون الأعاصير القوية التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأيام القليلة السابقة هي أحد العوامل الآنية التي رفعت أسعار النفط بنحو دولارين للبرميل، فكما هو متوقع أن هذه الأعاصير تؤدي إلى خفض الإنتاج الأمريكي من النفط، ما يسبب ارتفاعا لأسعار النفط بطبيعة الحال. السؤال المهم في رأيي هو من سيرسم بوضوح سلوك أسواق النفط وأسعارها خلال المدى القصير، هل هي العوامل الآنية؟ أم أساسيات السوق؟.
في رأيي أن هناك فرقا كبيرا بين استشراف أسعار النفط على المديين القصير والبعيد، حيث أرى أن استشراف أسعار النفط واستقرار أسواقه على المدى البعيد يبنى على أساسيات السوق من حجم الطلب العالمي المتوقع والذي يتأثر بكثير من العوامل الاقتصادية والسياسية وغيرهما، لكن استشراف أسعار النفط على المدى القصير هو خليط بين أساسيات السوق والظروف الآنية التي قد تحدث من عوامل فنية أو طبيعية كالأعاصير والزلازل والفيضانات والحروب إضافة إلى الجوائح مثل ما حدث للعالم عند تفشي فيروس كورونا.
وتوقعت في المقال السابق أن الأسعار ستستقر عند مستوياتها الحالية في انتظار قرارات أوبك بلس التي أثبتت فاعليتها وجدواها خلال تقلبات أسواق النفط في السنوات الماضية، والتي ستدفع بالأسعار في توقعي إلى مستوياتها السابقة في بحر الـ 80 دولارا خلال هذا العام.
بنيت هذا التوقع كون الصين ثاني أكبر المستهلكين للنفط في العالم بنحو 16 مليون برميل يوميا بعد الولايات المتحدة الأمريكية التي تستهلك قرابة 20 مليون برميل يوميا مع المفارقة أن الأولى غير منتجة للنفط بينما أمريكا تنتج نحو 13.2 مليون برميل يوميا. في اعتقادي أن سعر الـ 72 دولارا للبرميل هو سعر جاذب جدا للصين ما سيؤدي في رأيي إلى ارتفاع الطلب على النفط وانعكاس ذلك على أسعاره صعودا. العامل الثاني والأهم هو قرارات أوبك بلس المتوقعة التي سيكون لها الدور الأكبر في استقرار الأسواق والأسعار كون دول أوبك تنتج مجتمعة نحو 27 مليون برميل يوميا فهي القائد الحقيقي لأسواق النفط.