مستقبل الطاقة بمنظور سعودي
السعودية بفضل الله تسابق الزمن نحو التنمية الشاملة، فقد أصبحت ورشة عمل كبيرة تمتد من الساحل الشرقي إلى ساحلها الغربي، ومن أقصى شمالها إلى آخر حدودها الجنوبية، ورشة عمل للحالمين لا مكان فيها للمتقاعسين. المشروع السعودي من خلال رؤية السعودية، يشمل جميع القطاعات والأنشطة ويوليها اهتماما بالغا، وقطاع الطاقة بلا شك على رأس هذه القطاعات، كون الطاقة قلب التنمية النابض، وشريان الاقتصاد المتدفق، وعصب الصناعة.
استشراف المستقبل أحد أهم أدوات التقدم والتطور في جميع النواحي الاقتصادية والسياسية، والاجتماعية والصحية وغيرها. الخطط الإستراتيجية على مستوى الاقتصاد الكلي أو الجزئي لن تكتمل أركانها، ولن تحقق أهدافها المرجوة، إلا بوجود مراكز معدة، تقوم بصناعة دراسات مستقبلية استشرافية مبنية على بيانات ذات جدوى، يقوم بمعالجتها مختصون، فينتج عن ذلك معلومات ذات قيمة تغذى بها هذه الدراسات، فتنعكس إيجابا على مخرجاتها ودقتها.
استشراف مستقبل الطاقة في اعتقادي مهم جدا، بل ضرورة ملحة لجميع المنتجين والمستهلكين على حد سواء، وأهمية الدراسات الاستشرافية ليست حكرا على الاقتصاد الكلي، ورسم سياسات الدول المالية والتنموية، بل تنسحب أهميتها كذلك على الاقتصاد الجزئي. وجود دراسات مستقبلية رصينة يساعد صناع القرار والمستثمرين بفاعلية على توجيه استثماراتهم إلى القطاعات الواعدة، ويجعل رأس المال أقل جبنا، ما سينعكس إيجابا على تدفق السيولة الاستثمارية الداخلية أو الخارجية التي ستعزز الاقتصاد الكلي بلا شك.
هكذا دراسات، ستدعم قرارات الشركات القائمة، في اتخاذ قرارات دقيقة في عمليات التوسع والاندماج والاستحواذ، وستلقي بظلالها أيضا على توطين الصناعات وتشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال للإسهام في رفع المحتوى المحلي، وزيادة الصادرات الوطنية. المتابع للمحتوى العربي في قطاع الطاقة، يرى جليا، أنه يستند بصورة شبه كاملة إلى الدراسات التي أعدتها بيوت الخبرة العالمية، خصوصا الدراسات الاستشرافية، نعم هي بيوت خبرة ومراكز دراسات عالمية رصينة وذات سمعة مميزة، لكن لا يمكن القول إنها جميعا حيادية، وفي منأى عن التسييس وخدمة أجندات خاصة.
السعودية تستشرف مستقبل الطاقة بحكمة وموضوعية، وتعي يقينا أهمية تنويع مصادر الطاقة، ومنها بلا شك الطاقة المتجددة، حيث تقوم بالفعل بجهد كبير وتستثمر أموالا طائلة في هذا القطاع. تتعاطى السعودية مع ملف الطاقة العالمي، وعلى الصعيد الداخلي بتوازن، فهي تعتقد أن النفط سيبقى متربعا على عرش مصادر الطاقة، وتعي كذلك أهميته التي ليست حكرا على الطاقة وحسب، فمنه منتجات وتطبيقات كثيرة تدخل في صناعة كل شيء حولنا تقريبا.
تنويع مصادر الطاقة يحافظ على ثروة الوقود الأحفوري الناضب، على المستويين الداخلي والخارجي، وإضافة شرايين جديدة إلى الطاقة العالمية ستسهم بلا شك في مواكبة النمو السكاني والصناعي العالمي.