الصين تطلق أكبر حزمة تحفيز لإنعاش اقتصادها المتعثر

الصين تطلق أكبر حزمة تحفيز لإنعاش اقتصادها المتعثر

أطلق البنك المركزي الصيني حزمة لتحفيز الاقتصاد، التي تعد أكبر تحرك من قبل المصرف لتحقيق هدف النمو السنوي لهذا العام البالغ 5%.

في مؤتمر صحفي نادر عقد اليوم الثلاثاء في بكين، أعلن محافظ بنك الشعب الصيني بان قونج شنج خفض حجم الأموال التي يجب على البنوك الاحتفاظ بها لديه، ليصل بذلك الاحتياطي الإلزامي إلى أدنى مستوى منذ 2020 على الأقل، كما تم الإعلان عن خفض سعر الفائدة الرئيس. تعد هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اتخاذ الإجراءين في الوقت نفسه منذ العقد الماضي على الأقل، ما يؤكد حاجة البلاد الملحة لهذه الإجراءات.

وكشف رئيس البنك المركزي أيضا حزمة لدعم سوق العقارات المتعثرة في البلاد، بما في ذلك خفض تكاليف الاقتراض على ما يصل إلى 5.3 تريليون دولار من القروض العقارية وتخفيف قواعد شراء المنزل الثاني. وأضاف أن الصين ستسمح للصناديق والوسطاء باستغلال أموال بنك الشعب الصيني لشراء الأسهم.

استقبلت أسواق المال حزمة التحفيز بحذر، حيث ارتفع مؤشر "سي إس آي 300" لليوم الخامس على التوالي 0.5%، مع صعود 200 شركة من الشركات المدرجة في المؤشر. وحققت أسواق السلع مكاسب طفيفة، بينما بقي اليوان دون تغيير كبير مقابل الدولار. وانخفض العائد على السندات الصينية لمدة 10 سنوات إلى أدنى مستوى له على الإطلاق عند 2%.

ورغم أن الاقتصاديين اتفقوا على أن حزمة السياسات التي أعلنها "بان" فاقت التوقعات، فإن عديدا منهم تساءلوا عما إذا كانت قادرة على معالجة المشكلات التي تواجه ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بما في ذلك ضعف الطلب الاستهلاكي الذي أدى إلى أطول فترة انكماش منذ 1999.

قال كين وونج، متخصص في الأسهم الآسيوية في شركة " إيست سبرينغ إنفستمنتس هونج كونج" : "من الصعب القول إن هناك حلاً سحرياً يمكنه فعل كل شيء". وأضاف: "بينما تعد التدابير النقدية التيسيرية خطوة إيجابية، فإنه يتعين القيام بالمزيد لتعزيز النمو في الربع الرابع".

دفعة ثقة اقتصادية

"في حدها الأدنى، ستعطي هذه الحزمة دفعة ضرورية للثقة. توقعاتنا الأساسية كانت لنمو 4.7 % هذا العام، لكن هذه الحزمة القوية من التحفيز النقدي تشير إلى أن النمو قد يقترب من الهدف البالغ 5 %"، حسبما قال إريك زو، خبير الاقتصاد الصيني في "بلومبرغ إيكونوميكس".

تحاول حكومة الرئيس شي جين بينج تحفيز الاقتصاد دون اللجوء إلى حزم تحفيز ضخمة كما حدث في السنوات السابقة، لكن حتى الآن لم تنجح الجهود المجزأة في وقف التباطؤ الاقتصادي. ويتوقع اقتصاديون في بنوك وول ستريت، بما في ذلك "جي بي مورجان" أن الصين قد لا تتمكن من تحقيق هدف النمو لهذا العام.

خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي، الأسبوع الماضي، أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية وهو معدل أكبر من المتوقع، ما أعطى البنوك المركزية في جميع أنحاء آسيا مزيداً من المرونة للتحرك. واتخذ "بان" خطوة حاسمة لتعزيز السياسة النقدية، ما يمهد الطريق أمام وزارة المالية للكشف عن جهودها الخاصة لتعزيز النمو، وسط انتقادات بأن الدعم المالي لا يزال ضعيفاً.

وقال ريموند يونج، كبير الاقتصاديين لمنطقة الصين الكبرى في "إيه إن زي": "هذه الحزمة بعيدة كل البعد عن أن تكون حلاً شاملاً". وأضاف: "لسنا متأكدين من مدى تأثير خفض معدلات الرهن العقاري على إنعاش سوق العقارات".

فشل حزمة العقارات

فشلت حزمة إنقاذ العقارات في الصين، التي تم الكشف عنها في شهر مايو، في تغيير مسار الركود العقاري المستمر منذ سنوات، الذي أدى بدوره إلى محو ما يقدر بنحو 18 تريليون دولار من ثروات الأسر. وهناك 29 مدينة فقط من أصل 200 مدينة، تم حثها على المشاركة، تستجيب لدعوة بكين للمساعدة في استيعاب الفائض في المساكن. وسجلت أسعار المنازل الجديدة أكبر انخفاض لها الشهر الماضي منذ يوليو منذ عام 2014.

أصدر محافظ البنك المركزي الإعلان الأخير في أول مؤتمر صحافي رفيع المستوى له منذ مارس، عندما دافع عن هدف النمو الحكومي بـ5% إلى جانب كبار المسؤولين الاقتصاديين الآخرين.

وأظهر رئيس بنك الشعب الصيني نهجاً أكثر شفافية تجاه السياسة النقدية هذا العام، في محاولة لتحقيق الاستقرار في المعنويات. واستخدم "بان" إحاطة إعلامية مماثلة في يناير للإعلان عن خفض حجم الأموال التي يجب على البنوك الاحتفاظ بها كاحتياطي قبل أسبوعين من الموعد المحدد، حيث حاولت السلطات وقف انهيار سوق الأسهم البالغة 6 تريليونات دولار.

قالت بيكي ليو، رئيسة استراتيجية الاقتصاد الكلي للصين في بنك "ستاندرد تشارترد": "تيسير السياسة النقدية أكثر جرأة من المتوقع... نرى مجالا لتيسير أكثر جرأة في الفصول المقبلة، في أعقاب التخفيضات الكبيرة في أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي".

الأكثر قراءة