الأسعار القياسية للذهب إنذار مبكر: الاستقرار الاقتصادي الكلي في أشد اللحظات خطورة

الأسعار القياسية للذهب إنذار مبكر: الاستقرار الاقتصادي الكلي في أشد اللحظات خطورة

بلغ صندوق النقد الدولي عامه الـ80 هذا العام، لكن دوره في دعم الاستقرار الاقتصادي الكلي في أشد اللحظات خطورة.

الدعم الذي يحظى به الصندوق، الذي يعد ملاذا أخيرا لإقراض الحكومات التي تعاني ضائقة مالية، لا يزال قويا نسبيا في أوروبا والولايات المتحدة. لكن الدعم يتضاءل في الصين وأجزاء كبيرة من العالم، وفقا لـ"ذا تيليجراف".

أثبت الصندوق على مر السنين أنه أحد أكثر المنظمات المتعددة الأطراف نجاحا، خطط لعدد لا يحصى من برامج إعادة هيكلة الديون، ولعب دورا رئيسيا في دعم النظام المالي العالمي القائم على الدولار اليوم.

لكن مع تصاعد التوترات الجيوسياسية، وتزايد الحواجز أمام التجارة وتدفقات رأس المال عبر الحدود، وخروج الدين العام حول العالم عن السيطرة، بدأت التصدعات تظهر بسرعة.

سعر الذهب، الذي يسجل ارتفاعات قياسية جديدة على أساس يومي تقريبا، يرسل إنذارا مبكرا - كما الكناري في المنجم.

كان عمال المناجم يستخدمون الكناري كنوع من أجهزة الاستشعار لأنها حساسة جدا للغازات السامة، إذا بدأت الكناري في الشعور بالتعب أو الموت، كان ذلك إشارة إلى العمال أن عليهم مغادرة المنجم فورا.

عودا للذهب، للوهلة الأولى، باعتباره خيارا استثماريا، يشير سعر الذهب عادة إلى توقعات أسعار الفائدة والتضخم. ولا توجد عوائد عليه، لذا عندما تكون أسعار الفائدة مرتفعة يفقد جاذبيته النسبية.

على مدى العامين أو الثلاثة الماضية، خالف سعر الذهب بالكامل هذه العلاقة وارتفع بالتزامن مع ارتفاع أسعار الفائدة بقوة.
يوجد عامل أكثر جوهرية في هذا الأمر يدور حول كون الذهب ملاذا آمنا بديلا للدولار في الأوقات العصيبة.

كانت البنوك المركزية في الأسواق الناشئة أكبر المشترين في الأعوام الأخيرة، خاصة الصين التي زادت احتياطيها من الذهب 316 طنا، أو 16%، خلال الـ18 شهرا الماضية وحدها. وبذلك، سلطت الصين الضوء على سوء تقدير تاريخي من جانب وزير المالية البريطاني الأسبق، جوردون براون ــ ببيعه نصف احتياطي البلاد من الذهب تقريبا قبل نحو 25 عاما بأسعار منخفضة للغاية.

ومن باب التخفيف من حدة هذا، لا بد من الإشارة إلى أنه نتيجة لمعجزات الفائدة المركبة، فإن الخسارة الصافية المحسوبة على هذه المبيعات نسبة إلى السعر اليوم ليست كارثية تماما كما تبدو، إذ تُستثمَر العائدات بدلا من ذلك في الأوراق المالية التي تدر فائدة. لكن سعر السبائك ارتفع نحو 12 ضعفا منذ ذلك الحين، لذا فلا جدال في أن هذا كان قرارا سيئا للغاية.

في تلك المرحلة، كان الاتجاه السائد بين البنوك المركزية الغربية هو تنويع الاستثمارات بعيدا عن الذهب والتوجه نحو محافظ بدائل النقد الأجنبي. ولكونه معرضا للتدهور، ومكلفا لمن يحتفظ به، ولم يعد العمود الفقري للنظام المالي الدولي، بدا أن الذهب قد حان وقته.

بعد زوال معيار الذهب لم يعد هناك أي غرض من الاحتفاظ بكميات كبيرة من المعدن الثمين في خزائن تحت أكبر البنوك المركزية في العالم. لكن طريقة التفكير هذه تغيرت مرة أخرى أثناء فوضى الأزمة المالية العالمية، التي ألحقت ضررا بالغا بالثقة بالنظام المالي الغربي والنقود الورقية بشكل عام.

كان فشل صندوق النقد الدولي، إلى جانب كثير من مؤسسات الاقتصاد، في التنبؤ بقدوم الكارثة سببا في تقويض مصداقيته. وأدى سوء تعامله اللاحق مع أزمة الديون في منطقة اليورو إلى تفاقم الانطباع بأن المنظمة بعيدة عن تلبية احتياجات العالم الحديث.

التوترات الجيوسياسية المتصاعدة بدورها، وفقدان الثقة بموقف الدولار كعملة احتياطية مهيمنة في العالم كان لهما دور في تحفيز العودة إلى الذهب.
بعيدا عن المخاوف المالية، يقول صندوق النقد الدولي إن الاقتصاد العالمي في حالة جيدة حاليا نظرا إلى كل ما واجهه في الأعوام الـ4 الماضية، مع السيطرة على التضخم مجددا، وانخفاض أسعار الفائدة، وتوقع ثبات النمو عند 3.2% تقريبا هذا العام والعام المقبل.

لكن خلال 80 عاما منذ تأسيس صندوق النقد الدولي، نادرا ما بدا النظام المالي الذي يرأسه غير مستقر، وليس من المستغرب أن يكون الطلب على الذهب، أقدم مخزن للقيمة على نطاق واسع في العالم، مرتفعا إلى هذا الحد.

الأكثر قراءة