الدولار بين هاريس وترمب .. ما التأثيرات المباشرة في الاقتصاد الدولي والخليجي؟
في المشهد الاقتصادي الأمريكي، يبرز الدولار كأحد أهم الركائز التي تعتمد عليها السياسات الاقتصادية للمرشحين الرئيسيين، كامالا هاريس ودونالد ترامب.
ويعكس موقف كل منهما تجاه الدولار، رؤيتهما للاقتصاد الأمريكي وأولوياتهما في دعم الطبقات الاجتماعية وتحقيق التوازن بين النمو المحلي والمكانة العالمية.
لكن التعرف على جوانب الخلاف بينهما بشأن رؤيتهما لسياسة الدولار القوي أو الضعيف لا يتعلق فقط بالشأن الأمريكي الداخلي، وإنما يمتد للتأثيرات المباشرة للدولار في الاقتصاد الدولي؛ فأكثر من 65% من الاحتياطات المالية العالمية بالدولار، وأغلبية السلع والخدمات المتداولة في التجارة الدولية تُقيم بالدولار، إلى جانب الارتباط المباشر بين الدولار والعملات المحلية في عدد لا بأس به من دول العالم، ما يعني أن لارتفاع الدولار أو انخفاضه تأثيرا مباشرا في مستويات المعيشة في تلك البلدان.
وضعت كامالا هاريس نفسها كمدافعة عن الدولار القوي، مؤكدة أهمية العملة الأمريكية في ضمان الاستقرار والحفاظ على زعامة الولايات المتحدة السياسية والاقتصادية عالميا، ولهذا تتبنى نهجا اقتصاديا تقليديا؛ فدعم الدولار يعزز النفوذ الأمريكي في الأسواق الدولية ويحد من التضخم محليا.
موجة من الأخبار الجيدة .. من سيحافظ على إرث الاقتصاد الأمريكي المزدهر؟
وهنا قال لـ"الاقتصادية" الدكتور جاكسون كومينجز، الأستاذ الزائر في جامعة لندن والمتخصص في السياسة النقدية، إن دعم هاريس للدولار القوي ينبع من هدفها المتمثل في حماية القوة الشرائية الأمريكية والحد من التضخم، خاصة بالنسبة للسلع الأساسية.
أضاف، أن العملة الأمريكية تعتبر أداة لتعزيز الاستقرار المالي داخل الولايات المتحدة وخارجها.
لا شك أن هاريس تدافع عن الدولار القوي وهي تضع حماية مصالح الطبقة المتوسطة الأمريكية نصب عينيها، لكن الدولار القوي يعزز أيضا مصالح عدد من حلفاء الولايات المتحدة الدوليين، وفي مقدمتهم بلدان الخليج حيث ترتبط العملات المحلية بالدولار.
من جانبه، ذكر لـ"الاقتصادية" الخبير الاستثماري روجرز جيمس، أن الدولار القوي يعزز القوة الشرائية لمنطقة الخليج ويمكنها من الحصول على وارداتها بتكلفة أقل، وسينعكس ذلك إيجابيا على ميزانياتها.
أضاف، أن الأهم أن قوة الدولار تعزز القوة الاستثمارية للبلدان الخليجية، حيث تصبح الأصول والأسهم والعقارات في الأسواق الدولية أكثر جاذبية بتكلفة أقل نسبيا، خاصة في الأسواق الأوروبية والآسيوية، وهذا يساعد دول الخليج على المضي قدما في سياسة التنويع الاقتصادي التي تتبناها.
في المقابل، لا يخفي الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب موقفه الداعم لـ"الدولار الضعيف" ، معتبرا أن العملة الأمريكية مقيمة بأعلى من قيمتها مقارنة بالعملات الرئيسية الأخرى، وأن إضعاف الدولار يمنح الشركات الأمريكية ميزة إستراتيجية على منافسيها بزيادة قدرتها التصديرية العالمية بسبب خفض تكاليف الإنتاج، كما أنه يمنح واشنطن القدرة على التصدي للعجز التجاري وتحفيز الصناعات الأمريكية.
هل يمكن الفوز بالرئاسة الأمريكية مع خسارة التصويت الشعبي؟
بدوره، قالت لـ"الاقتصادية" أستاذة الاقتصاد الكلي، مارثا سميث، إن "موقف ترمب من الدولار يتماشى مع إستراتيجيته الأوسع نطاقا "أمريكا أولا"، التي تعطي الأولوية لنمو الأعمال التجارية المحلية وخلق فرص العمل، وتعزيز الشركات الأمريكية في الأسواق الدولية، حتى لو أدى ذلك إلى زيادة مخاطر التضخم محليا على المدى القريب".
ورغم رفض بعض كبار المستشارين الاقتصاديين لترامب للأفكار السائدة بأن سيضعف الدولار إذا ما أُعيد انتخابه، فإن الخبراء يعتقدون أن ترمب قد يعدل عن هذا التوجه إذا ما عاد لسدة الحكم مجددا.
وتعهدت ترامب بدولار ضعيف، وخفض أسعار الفائدة، وزيادة الرسوم الجمركية ضد منافسي الولايات المتحدة، تعد وصفة داعمة لزيادة التضخم، بما يعني تآكل أي نمو حقيقي قد تحققه سياساته الاقتصادية.