الحرب التجارية الأمريكية مع الصين .. رؤى متناقضة لهاريس وترمب
في العقد الماضي، شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين توترات متزايدة في جميع الجوانب، خاصة التجارية منها، فالتقدم الاقتصادي والتكنولوجي الذي أحرزته الصين جعلها المنافس العالمي الرئيسي للولايات المتحدة.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بات من الواضح أن المنافسين الرئيسيين، كامالا هاريس ودونالد ترمب، لديهما رؤى متناقضة بشأن الصين، ما يثير تساؤلات حول كيفية تأثير سياساتهما في العلاقات الاقتصادية الشاملة بين القوتين العظميين، والأهم من ذلك، إمكانية اندلاع حرب تجارية بينهما بانعكاساتها السلبية على الاقتصاد العالمي.
منذ اندلاع الحرب التجارية بين واشنطن وبكين عام 2018، والعلاقات الثنائية تشهد حالة من الاحتقان، فإدارة ترمب السابقة، زادت التعريفات الجمركية على الواردات الصينية بشكل كبير، وردت الصين بتدابير انتقامية.
وعندما تولى الرئيس بايدن الرئاسة، لم يُجرِ تغييرات كبيرة على سياسات ترمب التجارية تجاه الصين، فأبقى على التعريفات الجمركية واتخذ مزيدا من الإجراءات التقييدية في مجال تصدير التكنولوجيا وسلاسل التوريد، لكنه اختار نهجا دبلوماسيا مقارنة بإدارة ترمب.
وبطبيعة الحال، تنحاز كامالا هاريس إلى نهج إدارة بايدن.
وهنا قالت لـ"الاقتصادية" الدكتورة تريسي كيفين، أستاذة الاقتصاد المقارن، إن "هاريس تميل إلى نهج تعددي قائم على التصدي للصين تجاريا عبر إشراك حلفاء الولايات المتحدة في الضغط على الصين بدلا من الأساليب الأحادية التي يتبناها ترمب".
وأشارت إلى أن هذا يعني اقتصاديا مزيجا من استمرار التعريفات الجمركية كوسيلة للضغط، مع تعزيز التحالفات العالمية لموازنة نفوذ الصين التجاري.
ومن المتوقع أن تشمل سياسات هاريس تجاه الصين، إذا ما وصلت إلى المكتب البيضوي، تشديد القيود المفروضة على شركات التكنولوجيا الصينية في قطاعات الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات والاتصالات.
وعلى الرغم من أنها ستكون أقل عدائية تجاه الصين مقارنة بإدارة ترمب، فإنها لن تتوانى عن تبني مواقف متشددة تجاه بكين في مجالات التكنولوجيا.
من جانبه، قال لـ"الاقتصادية" الخبير الاقتصادي مارك تشارلز "إذا ما فاز الديمقراطيون بالبيت الأبيض، فإن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين مستبعدة، لكن سنشهد حربا تكنولوجية تركز على المنافسة في التقنيات الناشئة، وأبرزها الذكاء الاصطناعي". يختلف الأمر تماما إذا ما وصل ترمب إلى سدة الحكم، إذ سيكون نهجه أكثر عدوانية، وستتصاعد التعريفات الجمركية وغيرها من التدابير التي تستهدف الصادرات الصينية بشكل مباشر.
ويعتقد البروفيسور م. مارتين، الأستاذ المتخصص في الاقتصاد الصيني، أنه في حال فوز ترمب بالسباق الرئاسي، فإن الحرب التجارية مع الصين واقعة لا محالة.
وأشار في هذا السياق إلى عدة نقاط أولها تقلص التبادل التجاري وتعزيز الانفصال المالي بين الجانبين، فيما ستعمل واشنطن على تطويق الصين ماليا.
ثاني النقاط، ستتعرض الشركات الأمريكية للضغط لنقل سلاسل التوريد خارج الصين، ما قد يكون مفيدا لبعض بلدان شرق آسيا، مثل تايوان، وربما لبعض الدول الخليجية والعربية.
ثالثا بحسب مارتين، ستعمل إدارة ترمب على توجيه ضربات قوية لشركات التكنولوجيا الصينية، ولا يُستبعد أن يقوم البيت الأبيض، مدعوما من الكونجرس، بفرض عقوبات على بعض حلفاء واشنطن إذا أفرطوا في استخدام التكنولوجيا الصينية.
من هنا، يرى بعض الخبراء أن نهج ترمب ربما يكون أكثر خطورة على كل من الاقتصاد الأمريكي والعالمي، فداخليا، ستؤدي زيادة التعريفات الجمركية والحواجز التجارية إلى ارتفاع التكلفة على المستهلكين وتعطيل سلاسل التوريد.
وعلى المستوى العالمي، سيتباطأ نمو الاقتصاد العالمي، ما قد يؤدي إلى انخفاض الطلب على المواد الأولية والطاقة.
من ناحيتها، ذكرت الدكتورة أليسون جاردنر، أستاذة العلوم السياسية، أنه في نهاية المطاف، ستحدد نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية نغمة المرحلة التالية من العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين.
وأشارت إلى مواجهة كل من المرشحين تحدي الموازنة بين المصالح الاقتصادية الأمريكية واستقرار الاقتصاد العالمي، في واحدة من أكثر العلاقات الثنائية تعقيدا في التاريخ الحديث.