23 شركة تنضم إلى منصة تداول "الكربون" السعودية في أول أيام تداولها
انضمت 23 شركة سعودية ودولية إلى منصة "الكربون" السعودية، في أول أيام تداولها، بهدف تعزيز العرض والطلب على أرصدة الكربون عالية الجودة في الجنوب العالمي، ودعم التحول إلى الحياد الصفري، فيما بلغ سعر المقاصة (التسوية) في مزاد السلة الأساسية 37.5 ريال سعودي لكل من أرصدة الكربون.
تستهدف المنصة أن تصبح إحدى أكبر أسواق الكربون الطوعية في العالم بحلول 2030، حيث شمل مزادها الأول أرصدة من مشاريع مناخية في دول مثل بنجلاديش والبرازيل وإثيوبيا وماليزيا وباكستان وفيتنام.
ويمتلك صندوق الاستثمارات العامة السعودي 80% من شركة سوق الكربون الطوعي، فيما تمتلك مجموعة "تداول" السعودية المالكة للبورصة 20%.
جاء إطلاق البرنامج بعد يوم واحد من تحقيق مفاوضي المناخ تقدما كبيرا بالتوصل إلى اتفاق بشأن قواعد سوق عالمية للانبعاثات الكربونية تحت إشراف الأمم المتحدة.
تداولات بمتطلبات معلنة
قالت لـ"الاقتصادية" الرئيس التنفيذي لشركة سوق الكربون الطوعي الإقليمية، ريهام الجيزي: إن منصة "تداول أرصدة الكربون" تتيح فرصة للشركات للحد من انبعاثات الكربون ومساعدتهم على تقييم الانبعاثات يوميا.
أضافت، أن عملية التداول تتم من خلال متطلبات معلنة في تسجيل البائع والمشتري في المنصة المتاحة للجميع، سواء لشركات سعودية أو دولية.
أشارت الجيزي إلى أن الرسالة قبيل مؤتمر COP29 واضحة، إذ يتطلّب تسريع جهود إزالة الكربون عالميا توفير تدفقات مالية ضخمة للمشاريع المناخية الضرورية، ويمكن أن تسهم أسواق الكربون الطوعية ذات المعايير العالية في تقليص فجوة تمويل المناخ خلال هذا العقد.
تابعت، نسعى لتطوير سوق يمول مشاريع مناخية على مستوى العالم، بهدف الحد من الانبعاثات وإزالتها على نطاق واسع، ومن خلال مشاريع تمتد من آسيا إلى أمريكا اللاتينية، تشمل استعادة الغابات وحماية التنوع الحيوي، ودعم تقنيات تخزين الكربون في مواد البناء، أو مبادرات إنتاج الفحم الحيوي.
تمتاز المنصة ببنية تحتية تتماشى مع متطلبات السوق من حيث الشفافية، وقابلية التوسع، والسيولة المتزايدة، من خلال توفير معايير مؤسسية تتيح إجراء تعاملات شفافة وآمنة، واستكشاف الأسعار والبيانات لمشاريع أرصدة الكربون، وهو أمر أساسي لنمو السوق عالميا وتوفير مؤشرات سعرية لمشاريع من مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
شفافية ومعايير مؤسسية
قالت فرح الغريب المستشارة والمستثمرة البيئية وعضو اللجنة الوطنية للبيئة في اتحاد الغرف السعودية: إن المنصة تقدم بنية تحتية متطورة تتماشى مع المعايير المؤسسية العالمية، ما يوفر الشفافية والسيولة المطلوبة لتنمية السوق.
أضافت، أن هذه الخطوة ليست فقط جسرا لسد فجوة تمويل المناخ، لكنها أيضا تفتح المجال لفرص استثمارية جديدة، حيث إن تمويل المشاريع المناخية، خاصة في الدول النامية، يسهم في تحقيق الأهداف البيئية والتنموية بشكل شامل، ويؤكد التزام السعودية بتوجيه استثماراتها نحو دعم جهود المناخ عالميا.
أشارت إلى أن السوق الجديدة تسهم في توفير إشارات سعرية واضحة لمشاريع ائتمان الكربون، ما يعد دفعة قوية للأسواق الناشئة، ويفتح فرصا لمشاريع تتعلق باستعادة الغابات وحماية التنوع البيولوجي وتطوير التكنولوجيا الخضراء، وهي جميعها مجالات تتطلب تمويلا ضخما وتتجاوز حدود الدول والأقاليم.
كشفت أنه في الشرق الأوسط، كانت أبوظبي أول من أطلق منصة لتداول للكربون، إلا أن الشركة التي تدير المنصة أغلقت عملياتها الشهر الماضي بعد عام واحد فقط من بدء نشاطها.
تعمل المنصة على ربط السوق المفتوح مع السجلات العالمية الرائدة، وتطوير بنية تحتية متخصصة للتداول في أرصدة الكربون بما يتماشى مع مبادئ التمويل الإسلامي، وتوفير مزايا مثل المزادات، وطلبات عروض الأسعار، والتداول خارج المنصة، وسيعقب ذلك إطلاق سوق التداول الفوري ومزايا أخرى في 2025.
دلالات تشمل الأبعاد الاقتصادية
من ناحيته، قال محمد الجارالله الأكاديمي المختص في اقتصاديات البيئة: إن لإطلاق سوق الكربون الطوعية في السعودية دلالات كبرى، لا تقتصر فقط على الجانب البيئي بل تتعداها لتشمل الأبعاد الاقتصادية.
أضاف الجارالله، أن المبادرة تعزز مكانة السعودية كلاعب أساسي في مشهد التمويل المناخي العالمي، خاصة في ظل جهودها للتحول نحو اقتصاد مستدام وتحقيق الأهداف الوطنية للحياد الكربوني.
ويرى أن إطلاق منصة تبادل الكربون الطوعية يضع السعودية في موقع ريادي ضمن الأسواق الناشئة للكربون، حيث يعزز التعاون بين القطاعين العام والخاص، ويتيح للشركات السعودية والدولية التداول في أرصدة الكربون.
ذكر أن هذه خطوة إستراتيجية تتماشى مع رؤية السعودية 2030، وتأتي في توقيت حساس بالتزامن مع المفاوضات العالمية حول قواعد أسواق الكربون، مثل مفاوضات مؤتمر الأطراف كوب 29، ما يعطي السعودية ميزة لتأكيد ريادتها في هذا المجال.
يذكر أنه لتحقيق أهداف اتفاقية باريس والوصول إلى أهداف صافي الانبعاثات الصفرية العالمية، تحتاج السوق الناشئة والدول النامية إلى استثمار 2.4 تريليون دولار في العمل المناخي سنويا بحلول 2030.
ويمكن لأسواق الكربون الطوعية حول العالم أن تؤدي دورا حيويا في سد الفجوة التمويلية المناخية التي تعد من أولويات مؤتمر COP29، حيث يُتوقع أن تصل قيمتها إلى 100 مليار دولار في 2030.