العقارات الصينية وتحديات الفقاعة

هل المشكلات العقارية في الصين مختلفة؟ حينما نشرنا دراستنا بعنوان Peak China Housing" في 2020 (استنادا إلى بيانات ما قبل الجائحة)، كانت أطروحتنا – حول صعوبة تحول الصين من نمو بقيادة قطاع العقارات إلى نمو أكثر توازنا - موضع خلاف كبير. واعتقد معظم الخبراء أن أي تباطؤ في طفرة أسعار العقارات والبناء في الصين سيكون تدريجيا للغاية، دون تأثير يُذكر على النمو الاتجاهي.
ومما لا شك فيه أن أسعار المساكن في الصين قد ارتفعت بمقدار 10 أضعاف منذ أوائل التسعينيات من القرن العشرين – وتتجاوز تلك القيمة الأُسِّية زيادات أسعار المساكن التي شهدتها آيرلندا، وإسبانيا، والولايات المتحدة في الفترة التي سبقت حدوث الأزمة المالية العالمية في 2008-2009. إلا أن نمو الأسعار في الصين بدأ من نقطة متدنية للغاية، فلا يزال سعر الوحدة السكنية المكونة من غرفة واحدة في وسط بكين يساوي 25% فقط من سعر وحدة مماثلة في مانهاتن. علاوة على هذا، حقق الاقتصاد الصيني نموا هائلا على مدى 4 عقود، ولم يتوقع معظم الخبراء إلا تباطؤا محدودا.
وفي الواقع، كان للفقاعات العقارية دور محوري في حدوث أزمات مالية في أعقاب الحروب، ليس في أوروبا والولايات المتحدة فحسب، ولكن أيضا في شرق آسيا واليابان في تسعينات القرن الماضي. وعلى الرغم من أن كثيرا من الباحثين يعملون منذ ذلك الحين على استكشاف طرق بديلة لتحديد بداية الأزمات، بالتركيز على النمو بصفة أساسية، احتجت قلة من الباحثين على رواية الكتاب بوجه عام حول آثار الفقاعات العقارية المدفوعة بالائتمان على الاقتصاد كله.
على الرغم من ذلك، أشار معظم الباحثين والمعلقين إلى أن الصين مختلفة بالفعل، فضلا عن مسار نموها الاستثنائي. فمن ناحية، أقر صناع السياسات الصينيون، في ضوء الدروس المستفادة من الأزمات المالية في الغرب، قواعد أكثر صرامة بشأن الدفعات المقدمة، حيث تشترط عادة سداد 30% أو يزيد من السعر.
ومما لا يقل أهمية عن ذلك أن الحكومة الصينية دائما ما أثبتت كفاءة ومرونة هائلتين في التصدي للمشكلات الاقتصادية، مثل معالجة حالات الإفلاس في قطاع الشركات خلال تسعينات القرن العشرين في أعقاب توحيد نظام سعر الصرف في البلاد في 1994. وفي نهاية المطاف، من الأسباب التي تجعل للأزمات الاقتصادية تلك التأثيرات العميقة والمستمرة على النمو هو أن توزيع الخسائر الناجمة عن حالات الإفلاس عقب انخفاض أسعار العقارات قد يستغرق سنوات عدة. ولكن في ظل قوة الحكومة المركزية، يمكن أن نتوقع من الصين إيجاد حلول سريعة لتلك المشكلات. وأخيرا وليس آخرا، ربما يُتوقع استمرار اتجاه نسبة كبيرة من الثروات إلى قطاع الإسكان بسبب القيود المفروضة على حجم الأصول التي يُسمح للمواطنين الصينيين بحيازتها.
إذن، لماذا كانت بعض المؤشرات منذ خمس سنوات على احتمال وجود مشكلة عقارية توشك على الظهور، بما لها من انعكاسات واسعة النطاق على النظام المالي، حتى وإن لم تتخذ شكل الأزمات المالية التقليدية على النمط الغربي؟ في الحقيقة، كانت هناك مؤشرات كثيرة.
أولا، بلغت نسب سعر المسكن إلى الدخل في بكين، وشنزين، وشنغهاي مستويات ضعف النسب تقريبا في لندن وسنغافورة، وثلاثة أضعاف النسب في طوكيو ونيويورك. وما من شك أنه على المدى الطويل، كان من المفترض أن تضاهي تكاليف الشقق في مدن الصين الكبرى مثيلاتها في كبرى مدن العالم، إلا أن الأسعار بدا أنها تستبق الأحداث.
ثانيا، لا يزال معدل اقتراض الأسر الصينية ملحوظا، حيث ارتفعت نسبة دين الأسر إلى إجمالي الناتج المحلي بـ3 أضعاف، من أقل من 20% في 2008 إلى أكثر من 60% في 2023.
ثالثا، زيادة عدم المساواة في الصين (كغيرها من البلدان الأخرى)، حيث بدأت أسر كثيرة في حيازة مساكن عدة لم يكن بمقدور الأسر الأقل دخلا بالضرورة تحمل إيجاراتها. وأشارت دراستنا أيضا إلى كثير من العوامل الأخرى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي