المرونة العالية للاقتصاد السعودي خلال 2025-2026

يُقدّر أن يختتم الاقتصاد الوطني 2024 على نموٍ حقيقي بـ0.8% وفقاً لتقديرات وزارة الاقتصاد والتخطيط، مستنداً إلى النمو الحقيقي للأنشطة غير النفطية بـ3.7% للفترة نفسها، الذي بدوره أعطى زخمه لمعدل نمو العمالة المواطنة في القطاع الخاص بـ4.1% حتى منتصف العام، ويتوقع استمرار ذلك الزخم الجيد حتى نهاية العام الجاري، قياساً على النمو الإيجابي لأغلب مؤشرات الأداء الاقتصادي، خاصةً على مستوى الاستهلاك والاستثمار الخاص.

وقد جاء ذلك بالتزامن مع الارتفاع الأعلى لأسعار الفائدة بين البنوك لفترة 3 أشهر منذ 2001 عند متوسط 6.1%، وبمواجهة معدل تضخم سنوي لم يتجاوز 1.7% للعام نفسه، الذي شكّل بدوره تحدياً لاندفاع الاقتصاد الكلي نحو معدلات نموٍ أكبر مما كان متوقعاً في بداية العام، ورغم ذلك سيظل التضخم مسيطراً عليه عند مستويات مقبولة في الأجل المتوسط، بفضل التدابير الاستباقية والسياسات التي تم اتخاذها حكومياً لاحتواء ارتفاع الأسعار، إضافةً إلى توقعات أن تعود أسعار الفائدة إلى مستوياتٍ أدنى مما وصلت إليه سابقاً، وأن يؤدي ذلك إلى مزيدٍ من تحسّن أنشطة الاقتصاد غير النفطي في الأجل المتوسط بدءاً من العام القادم.

وفقاً للتقديرات الدولية؛ يتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بوتيرةٍ متباطئة خلال العامين المقبلين، نتيجة لاستمرار حالة عدم اليقين التي ما زالت مسيطرة على الاقتصادات حول العالم منذ 2022، ويعزى كل ذلك إلى عديدٍ من التحديات الرئيسية بدءاً من تشديد السياسة النقدية من قبل البنوك المركزية، الهادفة إلى احتواء المعدلات المرتفعة للتضخم، وتزامن ذلك مع الارتفاع المطرد لمستويات الدين العالمي وتكاليف فوائده، إلى جانب استمرار المخاطر الجيوسياسية حول العالم، وهذه التحديات وغيرها مما قد يستجد حضوره ويتسع تأثيره خلال العامين المقبلين، سيلقي بضلاله العكسي على أداء الاقتصاد العالمي والأسواق الدولية، ومن ضمنها بالتأكيد منطقة الشرق الأوسط التي يشكّل الاقتصاد السعودي الوزن الأكبر، إلا أنّ ما أصبح يتمتّع به من مرونةٍ عالية واعتمادٍ أكبر على القطاع غير النفطي، من شأنه أن يمنح الاقتصاد الكلي خياراتٍ أوسع في مواجهة أيٍّ من تلك التحديات الخارجية، مدعوماً بالاستهلاك (نما سنوياً خلال النصف الأول من 2024 بـ 2.4%) والاستثمار الخاص (نما سنوياً خلال النصف الأول من 2024 بـ 4.5%)، مع استمرار الإصلاحات الهيكلية بما فيها تنويع قاعدة الإنتاج المحلية، وتعزيز الخصخصة، وتحسين بيئة العمل، وتمكين المرأة والشباب، وإصلاح سوق العمل المحلية، بما سيؤدي إلى مزيدٍ من النمو الاقتصادي المستدام، إضافةً إلى الإستراتيجيات القطاعية والمناطقية المنبثقة من رؤية السعودية 2030.

ووفقاً للبيان التمهيدي للميزانية العامّة للدولة للعام المالي 2025؛ تأتي التوقعات الإيجابية للاقتصاد الوطني للعام المقبل امتداداً للتطورات الإيجابية التي تحققت خلال العام الجاري، حيث يتوقع أن يستمر الأداء الإيجابي للناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الحقيقية، وتحقيق نمو حقيقي يناهز 4.6% خلال العام المقبل، مدفوعاً بشكلٍ رئيسي من النمو الجيد للأنشطة غير النفطية، وهو ما يعكس الالتزام التام من السعودية بتنفيذ إستراتيجياتها الطموحة، والعمل المستمر على تحقيق التنمية المستدامة، بما سيعزز ويزيد من ثقة المستثمرين، ويعزز مكانة الاقتصاد السعودي على المستويين الإقليمي والدولي.

إنه امتدادٌ لنجاح السياسات والمبادرات التي اتخذتها السعودية طوال أكثر من 8 أعوامٍ مضت، وما زال العمل الحكومي وبالمشاركة مع القطاع الخاص عاكفاً على دفع تلك البرامج نحو التحقق على أرض الواقع، وهو ما منح الاقتصاد السعودي مزيداً من المرونة والقدرة على التكيّف مع أي مستجدات أو تطورات قد تطرأ على وجه الاقتصاد العالمي، وهي الامتيازات ذاتها التي ستمكّنه بمشيئة الله تعالى من التكيف مع أي تحديات مستجدة خلال الأجل المتوسط القادم 2025-2026.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي