رفع كفاءة الاستهلاك والاستدامة

عززت الأحداث خلال العشر سنوات الأخيرة، ومنها جائحة كورونا، والحروب، والاضطرابات الجيوسياسية، عززت هذه الأحداث أن الطاقة شريان الاقتصاد، ومحرك التنمية، وقلب التطور النابض.

في اعتقادي، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يستقر العالم، وترفل المجتمعات في أوجه النعم المتعددة بلا إمدادات آمنة ومستقرة للطاقة، وأعني هنا جميع مصادر الطاقة! من أدق التعريفات التي قرأتها عن الاستدامة أنها "تلبية حاجات الحاضر دون المساس بمقدرات الأجيال المقبلة لتلبية حاجاتها الخاصة" وفي رأيي ان هذه المعادلة ليس من السهل تطبيقها في قطاع الطاقة، ولكن يمكن ذلك بالعمل التكاملي مع الجهات ذات العلاقة وصناع الرأي العالمي مع تحييد الأجندات السياسية قدر المستطاع.

الدول التي تعتمد بصورة كلية أو جزئية على الموارد الهيدروكربونية "النفط والغاز والفحم" في توليد الطاقة، تعي تماما أن هذه الموارد ناضبة، ويجب في رأيي العمل بالتوازي على ركيزتين رئيسيتين وهما رفع كفاءة استهلاك هذه الموارد لإطالة عمرها قدر المستطاع وتعظيم قيمتها، وإحلال مصادر الطاقة الأخرى بموضوعية.

إقصاء الوقود الأحفوري وعلى رأسه النفط الذي نادت به بعض الجهات المحسوبة للأسف على بيوت الخبرة العالمية في هذا القطاع، والتي دعمتها بعض الدول لوضعه في قفص الاتهام، في اعتقادي أنها موجة عاتية لكنها ارتطمت بعنف بصخرة الواقع وتبددت.

لا بد أن نعي حقيقة أن إحلال الطاقة المتجددة والبديلة ليس ثوبا يناسب جميع الدول، ولا يمكن أن نضع جميع دول العالم في قالب واحد للتماهي مع التوجه العالمي الذي تدفع به بعض الدول.

التحول يعتمد على عوامل فنية واقتصادية وأمنية وغيرها، والقدرة الاقتصادية والفنية والبنية التحتية وكمية الاستهلاك تختلف من دولة لأخرى، بل أضيف أن الوعي أيضا يلعب دورا مهما في كيفية وسرعة ونسبة إحلال مصادر الطاقة الأخرى، فعلى سبيل المثال الحاجة الملحة لمصادر طاقة رخيصة في أوروبا وبسبب الضرائب العالية فيها، وبسبب التوجه السياسية لهذه الدول، ساهم في اعتقادي في رفع مستوى الوعي لهذه الدول بأهمية الطاقة الشمسية وتطبيقاتها وجدواها الاقتصادية على المدى المتوسط والبعيد.

السعودية في اعتقادي أنموذج يقتدى به في التعاطي مع ملف الطاقة المتجددة، فمن خلال وزارة الطاقة، وبالتعاون مع الهيئات والجهات ذات العلاقة الذين يعملون بكفاءة لتحقيق استدامة الطاقة من خلال رفع كفاءة الإنتاج، والاستهلاك على حد سواء، والوصول في 2030 إلى مزيج من الطاقة تشكل الطاقة المتجددة 50 في المائة.

بحسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فمن المتوقع أن يرتفع استهلاك الطاقة نحو 50 في المائة عام 2050 ليصل إلى 900 كوادريليون "مليون مليار" وحدة حرارية، مقارنة بكمية الاستهلاك عام 2020 التي تبلغ 620 كوادريليون وحدة حرارية، وجل هذا النمو يأتي من الدول الآسيوية. رفع كفاءة الاستهلاك لا يقل أهمية عن رفع كفاءة الإنتاج من أجل تحقيق الاستدامة في قطاع الطاقة، بالإضافة إلى توحيد الجهود في استغلال جميع مصادر الطاقة العالمية بفاعلية وكفاءة دون تهميش بعض مصادرها لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية ضيقة الأفق!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي