الاقتصاد العالمي في 2024 بين التوقعات والواقع
مر ويمر الاقتصاد العالمي حاليا بمؤثرات وأحداث بعضها مع وبعضها معاكس بوضوح للنمو والتحسن الاقتصادي في الدول والتبادل التجاري بينها. وهناك تصاعد في التوترات التجارية بين بعض الدول. والتطرق إلى هذه الأمور يطيل المقال. ومن جانب آخر، هناك روابط بين المؤثرات والأحداث الاقتصادية، وبعض الروابط غير واضحة المعالم.
كانت التوقعات في بدايات 2024 وبصفة عامة أن يحقق الاقتصاد العالمي في ذلك العام نموا في حدود 3.5%. لكن ما توفر من علم وإحصاءات تقول بأن ما تحقق هو أقل قليلا، أي يزيد قليلا على 3%. بالمقابل، انخفضت معدلات التضخم في معظم دول العالم انخفاضا ملحوظا عام 2024، مقارنة بالعام الماضي والذي قبله.
طبعا تتفاوت دول العالم تفاوتا كبيرا فيما تحقق وحصل اقتصاديا، والتركيز غالبا على معدلي النمو والتضخم، ثم جوانب أخرى على رأسها ثلاثة التوظيف وأسواق الأسهم وعجوزات المالية العامة. حصل نمو في هذه الثلاثة، ولكنه نمو أقل مما كان متوقعا. كان المتوقع فيها بداية العام وبصفة عامة تحقيق نمو في كل واحد منها يزيد قليلا على 20% ولكن ما حصل أقل ولكنه ليس بأقل كثيرا.
هناك جانب معدلات الفائدة، والتي انخفضت في غالب الدول انخفاضا لكنه ليس بكبير هذا العام، بعد موجات ارتفاع. والسبب الأكبر في الخفض العالمي تخفيض البنك الفدرالي الأمريكي. ومن المتوقع ألا يتبنى الفد مزيد تخفيض في الأسابيع القريبة القادمة، في ظل تحسن أوضاع التضخم والعطالة.
حققت أسواق الأسهم ارتفاعا، وأكثر ارتفاع كان غالبا في أسهم شركات التقنية. وطبعا تختلف الظروف والمؤثرات بين بلد وبلد.
انخفاض التضخم العالمي بشكل ملحوظ لا يعني الانطباق على كل الدول وعلى كل السلع. حصل العكس في بعض الدول وبعض السلع.
لوحظ انخفاض ملموس في معدلات العطالة في دول كثيرة، وليس في كل الدول. في أمريكا مثلا، لم تنخفض أو ترتفع بشكل ملموس.
ماذا بشأن عجز الميزانيات العامة ؟ حققت دول انخفاضا أو جمودا في العجز، لأسباب على رأسها التحكم في الانفاق بعدم زيادته، وبالعكس زيادة نسبية في عوائد المالية العامة من الضرائب والاستثمارات العامة.
بالمقابل، زاد الإنفاق العام بصورة ملحوظة في دول أخرى، لأسباب وقتية مثل قيام حرب أو دفع مزيد حوافز لدعم نمو اقتصاد شهد تباطؤا، مما تسبب في زيادة العجز في المالية العامة.
ويذكر الصندوق والبنك الدولي وغيرهما في أكثر من تقرير إلى وجود مخاطر سلبية في بعض الدول خاصة، على رأسها التوترات الجيوسياسية، واستمرار ارتفاع أسعار الفائدة لفترة أطول من المتوقع، والكوارث المرتبطة بالمناخ.
ينبغي عالميا إعطاء مزيد أهمية للحذر في تصميم وتنفيذ السياسات. وينبغي تعزيز الحماية الاجتماعية، مثل توسيع نطاق الأهلية للحصول على تأمينات ضد العطالة، لتشمل مشتغلين ما كانوا عادة داخلين في النطاق. لكن التطبيق واتخاذ المواقف يختلف تبعا لاختلاف ظروف الدول.
من المهم الحفاظ على سياسة نقدية تيسيرية غير مبالغ فيها. المبالغة تعطي دلالة بتجاهل توسع أو حدوث مخاطر على الاستقرار المالي. أما على المدى البعيد فمطلوب مزيد كفاح تجاه الندوب الاقتصادية من خلال تعزيز الطاقة الإنتاجية. وأقوى أدوات تحقيق ذلك الاستثمار العام وزيادة حوافز التوزيع الكفء للموارد، والابتعاد عن توجهات مفاجئة.
ماذا بشأن التعاون الدولي؟ هو عامل حيوي بالغ الأهمية. وهنا لا ننسى جهود بلادنا في قمم ومؤتمرات كثيرة تجاه الدفع تجاه تعاون دولي يتصف بكونه أقوى وأنفع.
إن حصول تباطؤ في نمو الاقتصاد العالمي ليس بشيء حديد. ومتوقع أن يتحسن الوضع العام المقبل، حيث متوقع أن يتحسن النمو الاقتصادي ولكنه تحسن بسيط.
بلادنا بحمد الله مرت وتمر بحالة تحسن واضح في النمو والتطور الاقتصادي. دعم هذا التحسن ما تشهده بلادنا من إصلاحات اقتصادية قوية. وتطمح الرؤية إلى مزيد نمو. ومازالت أبواب الإصلاح والتطوير قائمة. وآثارها تظهر بصورة أكثر وضوحا مع مرور الوقت. لكن غالبية الناس يتعجلون بطبعهم النتائج.