عودة الحياة لشوارع دمشق تلملم شتات اقتصاد سورية المحطم
في ظل الانهيار الاقتصادي والركود الذي خلفه عقد من الحرب الأهلية، تتطلع سورية لبناء مستقبل اقتصادي جديد. فقدت البلاد مليارات الدولارات من عائدات النفط، واضطر المواطنين لحمل أكوام من الأوراق النقدية لشراء احتياجاتهم الأساسية. يُقدر أن نحو ثلث السكان يعيشون في فقر مدقع.
الآن، تسعى القيادة الجديدة في سوريا لمواجهة تحديات عديدة، مثل رفع العقوبات الغربية واستعادة السيطرة على قطاع النفط، حسبما ذكرت "وول ستريت جورنال".
في شوارع دمشق، أعاد سقوط نظام الأسد شعورا جديدا بالتفاؤل بمستقبل البلاد. الأسعار تنخفض، والناس يقومون بإجراء المعاملات بالعملات الأجنبية لأول مرة منذ أعوام. وتعج ردهات الفنادق في دمشق برجال الأعمال الذين يتطلعون إلى عقد صفقات.
تشير التقارير إلى أن النظام الجديد الذي يقوده "هيئة تحرير الشام" يهدف لبناء اقتصاد سوقي حر وإنعاش قطاع النفط وعقد شراكات دولية. لكن التحديات لا تزال قائمة، مع استمرار الانقسامات في البلاد وتنافس القوى الأجنبية على النفوذ، وتراجع ثقة الغرب في النظام.
تعد تركيا من بين الدول التي قد تستفيد من هذا الوضع، حيث يعزز دورها في إعادة إعمار سورية قطاع البناء التركي.
قبل الحرب الأهلية، التي بدأت في 2011، كانت سورية دولة سريعة النمو وذات دخل متوسط إلى منخفض مع عدم وجود فقر مدقع تقريبا، وفقا للبنك الدولي.
منذ ذلك الحين، يعيش نحو 75% من السوريين على أقل من 3.65 دولار يومياً، و33% على أقل من 2.15 دولار، وفقاً للبنك الدولي.
من الناحية الاقتصادية، يؤدي نقص الوقود دورا كبيرا في التحديات الحالية، مع استمرار أزمة الطاقة منذ 2011 وتأثير العقوبات في صادرات النفط. حيث كانت سورية ذات يوم مصدرا صافيا للنفط، تكسب به ما يقارب نصف عائدات صادراتها، من خلال المبيعات إلى أوروبا بشكل رئيس.
قال طارق عصفور، الذي يشرف على تخزين ونقل الوقود: "هناك كثير من العمل الذي يتعين القيام به لإصلاح الأضرار التي لحقت ببنيتنا التحتية للنفط والغاز التي أهملت منذ فترة طويلة".
كما جلبت الحرب الأهلية وسنوات العزلة الدولية تضخما عقابيا. في الأعوام التي سبقت الحرب، كانت 50 ليرة سورية يمكن أن تشتري دولارا واحدا. أما الآن 13 ألف ليرة سورية لدولار واحد.
من جهة أخرى، بدأت العملات الأجنبية تنتشر في الأسواق السورية لأول مرة منذ أعوام. يعرب رجال الأعمال عن تحسن في الأوضاع الاقتصادية، مشيرين إلى انخفاض الأسعار وإمكانية التعامل بالعملات الأجنبية بعد سقوط نظام الاسد.
يقول أصحاب الأعمال والمستهلكون إنهم متفائلون بحذر بشأن المستقبل الاقتصادي. حتى المتاجر التي كانت تخفي البضائع الأجنبية المهربة في السابق تعرضها الآن بشكل بارز.
قالت ريما صبيحة، صيدلانية في دمشق، إن العملاء سعداء بالقدرة على الوصول إلى العلامات التجارية للأدوية الأجنبية بأسعار أرخص.
في حين تسعى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لتقديم بعض المساعدات اللازمة لسورية، تبقى العقوبات سارية حتى يتم تقديم تأكيدات كافية من النظام الجديد لتعزيز المساعدات الإنسانية.
يرى خبراء الاقتصاد أن استمرار العقوبات قد يبقي الحكومة المركزية ضعيفة ويتيح المجال لدول بتمويل مشاريع خاصة في سورية، ما يضعف مستقبل التوافق السياسي والاقتصادي في البلاد.