عملات الأسواق الناشئة في مواجهة تكرار سيناريو 2024 .. الأسوأ قادم بفعل الدولار
شهدت عملات الأسواق الناشئة تقلبات كبيرة في 2024، مع انخفاضات ملحوظة في قيمتها مقابل الدولار الأمريكي.
وبقدر ما فرض هذا الاتجاه آثارا كبيرة على الاستقرار المالي العالمي، فإنه أثار في الوقت ذاته تساؤلات حول المسار الذي ستسلكه تلك العملات في 2025، في ظل التوقعات الحالية بتراجع أسعار الفائدة عالميا وتزايد قوة الدولار في عهد الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترمب.
ربما تكون أبرز الظواهر الاقتصادية في 2024 هي التدخلات الملحوظة من البنوك المركزية في الاقتصادات الناشئة، للحفاظ على قيمة العملات الوطنية ومنع تدهورها، وما يرافق ذلك من خروج سريع لرؤوس الأموال الأجنبية، وزعزعة استقرار الاقتصادات المحلية، وربما كانت الحالة البرازيلية الأكثر بروزا.
عندما وصل الريال البرازيلي إلى مستويات منخفضة غير مسبوقة أمام الدولار، اضطر البنك المركزي إلى بيع 6 مليارات دولار من النقد الأجنبي خلال أسبوع، لضمان عدم حدوث مزيد من التدهور في قيمة العملة الوطنية، وتكرر هذا المشهد في كل من الهند وإندونيسيا وكوريا الجنوبية.
يعتقد المحلل المالي في بنك إنجلترا، براد سيستر، أن وضع عملات الاقتصادات الناشئة سيكون أسوأ في 2025 نتيجة القوة المتزايدة للدولار الأمريكي.
ويقول سيستر لـ"الاقتصادية": إن القوة المتوقعة للدولار الأمريكي ستفرض ضغوطا كبيرة على اقتصادات الأسواق الناشئة، خاصة البلدان التي تعاني ديونا خارجية ضخمة مثل الأرجنتين ومصر وباكستان.
أضاف، أنه عادةً ستخفض تلك الدول قيمة العملة المحلية، كما يُحتمل أن نشهد ارتفاع مخاطر التخلف عن سداد ما عليها من ديون.
وعلى الرغم من المخاوف المتعلقة بوضع عملات الاقتصادات الناشئة في العام الجديد، فإن تأثيرها على الاستقرار المالي العالمي يظل محل جدل.
من جانبه، ذكر الخبير المصرفي، إس. دي. سميث، أن "الانخفاض السريع في قيمة عملات الأسواق الناشئة قد يؤدي إلى دورة من هروب رأس المال ومزيد من ضعف العملة، ما يفرض تحديات خطيرة للاستقرار المالي في تلك الاقتصادات".
أضاف سميث لـ"الاقتصادية"، لن يتجاوز تأثير ذلك حدود الاقتصاد المحلي أو الإقليمي في أسواء تقدير، ولن يكون له انعكاسات على المستوى العالمي، إذ لا تزال المنظومة المالية الدولية محكومة بلاعبين رئيسيين لديهم القدرة على تطويق الأزمات الناجمة عن خلل المنظومات المالية في بعض الاقتصادات الناشئة.
يعتقد بعض الخبراء أن عام 2025 سيشهد نوعين من تخفيضات عملات الأسواق الناشئة، فبعض هذه التخفيضات سيكون مدروسا ويتماشى عموما مع الأساسيات الاقتصادية بما يسهم في بناء الاقتصاد.
أما الحالات المثيرة للقلق، فهي تكرار سيناريو 2024 من خلال البيع المفاجئ، ما يخلق فجوات تمويلية تؤدي إلى تفاوت أسعار الصرف بين الأسعار الرسمية وأسعار السوق الموازية (السوق السوداء).
هذا الوضع يزعزع ثقة المستثمرين في الأسواق المالية للاقتصادات الصاعدة، ويترافق عادةً مع تدابير حكومية صارمة لإدارة تدفقات رأس المال كجزء من حزمة سياسات أوسع نطاقا للتخفيف من الضغوط الاقتصادية.
من جانبه، قال لـ"الاقتصادية" الدكتور أن. روجر أستاذ المالية العامة: "بالنظر إلى عام 2025، فإن مسار عملات الأسواق الناشئة سيعتمد إلى حد كبير على السياسات النقدية العالمية، خاصة تلك التي يتبناها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والإستراتيجيات المالية المحلية".
أضاف، إذا كان تخفيف ضغوط التضخم وتعديل السياسات النقدية المحلية قد يخلق استقرارا تدريجيا في عملات الاقتصادات الناشئة، فإن هذا المسار يظل غير مؤكد، وسيحتاج صناع السياسات في الأسواق الناشئة في 2025 إلى الموازنة بين التدابير الرامية إلى دعم عملاتهم، والجهود الرامية إلى تعزيز النمو الاقتصادي والحفاظ على الاستقرار المالي.