متغيرات قيمة الاقتصاد العالمي

"الاقتصاد لا يرتبط فقط بحجم الأموال التي يتم إنفاقها، بل بالحكمة في إنفاقها"

هنري فورد، صناعي ومستثمر أمريكي راحل

من المؤكد أن حجم الاقتصاد العالمي سيرتفع في السنوات المقبلة. فالنمو (بصرف النظر عن مستوياته) يضمن هذه الزيادة، إلى جانب عوامل كثيرة، تتعلق أيضاً بالنمو، ولكن في ساحات البلدان الناشئة، التي دأبت في السنوات الماضية إيصاله لمستويات جيدة، مع الأخذ في الحسبان المراحل الحرجة التي مر بها الاقتصاد العالمي، ولا سيما مطلع العقد الحالي.

من هنا، يمكن النظر للتوقعات التي تظهر بين الحين والآخر، التي تشير إلى إمكانية أن يضاعف هذا الاقتصاد قيمته بحلول 2030، مستنداً إلى سرعة النمو في بلدان بعينها. ما يعني أن قائمة الاقتصادات العالمية، ستشهد تغييرات ملحوظة، بما في ذلك إزاحة بعضها من مواقعها التي تربعت عليها لعقود، ودخول أخرى إلى نادي الاقتصادات الكبرى عموما.

في العام 2025 تأكدت خريطة البلدان الأكبر اقتصاداً. فإلى جانب بقاء كل من الولايات المتحدة والصين في المركزين الأول والثاني (البلدان يمثلان 43 % من حجم الاقتصاد العالمي)، مع تقدم ألمانيا على اليابان لتحتل المركز الثالث، وتجاوز الهند بريطانيا لتصبح الاقتصاد الخامس.

ورغم أن هذه القائمة ستظل على ما. هي عليه حتى نهاية العام 2026، إلا أن التغييرات ستبدأ بالعودة قبل نهاية العقد الحالي، للتقدم الهند باحتلال المركز الرابع، وفي العام 2028 من المتوقع أن تزيح ألمانيا من مكانتها في المركز الثالث. والمتغيرات المشار إليها، ستشمل أيضاً الدول في المراكز ما بعد الخمسة الكبار. فالبرازيل ستكون في المستوى الثامن، وأستراليا ستزيح إسبانيا من موقعها الثالث عشر.

هذا المسار وسيكون المحرك الأهم، للتحولات الكبرى بحلول 2030. فحجم الاقتصاد العالمي، يصل اليوم إلى 115 تريليون دولار، في حين تدل المؤشرات كلها على بلوغه 221 تريليون دولار في غضون 15 سنة، أي أنه سيتضاعف تقريباً. ورغم بعض التحفظات على هذه التوقعات، إلا أنها تبدو واقعية، إذا ما أخذنا في الحسبان، الحراك التنموي المتوقع في اقتصادات ناشئة، وفي تلك التي تحقق بالفعل قفزات جيدة في هذا المجال.

والتحفظات هنا، ترتبط مباشرة، بمدى استقرار الاقتصاد العالمي في الأعوام المقبلة، وتمكنه من مجابهة أي مشاكل قد تظهر، خصوصاً تلك التي لا تكون في الحسبان. فالهند مرشحة للمركز الثالث بحلول العام 2036، بقيمة اقتصادية تصل إلى 10 تريليونات دولار، لكن لا أحد يضمن المصاعب التي يمكن أن تواجهها حتى ذلك التاريخ، بالرغم من الاستفادة الكبيرة لاقتصادها من خلال نمو طبقتها المتوسطة، إلى جانب الورشة الهائلة التي تجري في مجال الإصلاحات الهيكلية، فضلاً عن الاستثمارات الكبيرة.

وفي كل الأحوال، ستبقى الصين، وفق كل المعطيات، في مركزها الثاني في غضون الـ20 سنة المقبلة على الأقل، ما يعني أنها لن تتجاوز الولايات المتحدة، التي تتراجع بالفعل في هذا المجال لمصلحة هذا البلد.

فالوضع في الاقتصادي الحالي في الصين، يعج بالصعوبات، وحالة متسعة من عدم اليقين، رغم كل الإجراءات الحكومية التي تتخذها السلطات هناك، للمحافظة على أكبر أداء اقتصادي قريب من المستوى الذي كان قبل بداية العقد الحالي. مع ضرورة الإشارة، إلى أن الاقتصاد الأمريكي ظل الأفضل عالمياً من حيث الأداء في وقت الأمات، مقارنة بجميع الاقتصادات الكبرى.

لا شك في تبدل خريطة الاقتصادات الكبرى في العقود المقبلة. فمن كان في المقدمة، لن يبقى فيها، بما في ذلك فرنسا التي يتراجع قيمة اقتصادها بصورة ليست بطيئة، والأمر نفسه ينسحب على اليابان، التي تصدرت المركز الثاني لسنوات عديدة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي