هكذا تبدأ الجائحات .. ماذا ينتظر العالم من إنفلونزا الطيور مع أول وفاة بشرية؟
بعد الإعلان هذا الأسبوع عن أول حالة وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور في لويزيانا في الولايات المتحدة، يجدد الباحثون الذين تابعوا عن كثب الانتشار الهائل لفيروس الطيور دعواتهم للمسؤولين الصحيين الفيدراليين والمحليين للتدخل قبل حدوث أضرار أكبر.
"هكذا تبدأ الجائحات"، كما يقول ريك برايت، عالم المناعة الشهير وباحث اللقاحات والمسؤول الصحي الفيدرالي السابق، لمجلة فورتشن.
يضيف: "يتغير الفيروس بسرعة. ونحن بحاجة إلى تكثيف وتيرة كل الجهود لتتبعه وتحديث تدابيرنا الطبية المضادة حتى نكون مستعدين". رددت مقابلات مع كثير من الخبراء هذه الموضوعات.
أشار برايت إلى أن "الخطوة الأخيرة التي نحتاجها لمثلث الجائحة هي انتشار الفيروس من شخص لآخر".
هم يريدون أن يروا وكالات الصحة توسع الاختبارات المتاحة سريعا، وتستخدم اللقاحات الحالية الموجودة بالفعل في المخزون لتحصين الأشخاص الأكثر عرضة للخطر، وتكثف الوعي العام والشفافية حول انتشار الفيروس نفسه.
تقول أنجيلا راسموسن، عالمة الفيروسات في منظمة اللقاحات والأمراض المعدية في جامعة ساسكاتشوان، "هناك فرصة غير صفرية أن يتسبب هذا الفيروس في جائحة. نحن بحاجة إلى بذل كل ما في وسعنا لمنع حدوث ذلك."
في حين يراقب علماء الفيروسات السلالات المختلفة للفيروس وتطور الطفرات التي قد تمكن الفيروس من الانتشار إلى شخص آخر بسهولة، يشعر الخبراء الآن بالقلق بشأن إمكانية تطور الفيروس مع كل إصابة بشرية جديدة، بل واتحاده مع فيروس الإنفلونزا الموسمي ليشكل سلالة يمكن أن تنتشر بسهولة بين الناس وتسبب مرضا أكثر شدة.
ويخشى سكوت هينسلي، عالم المناعة الفيروسية في كلية بيرلمان للطب بجامعة بنسلفانيا في فيلادلفيا أن تنتقل فيروسات H5N1 المتحولة بين البشر في المستقبل.
أشارت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إلى أنه من بين نحو 950 حالة إصابة بشرية بإنفلونزا الطيور تم الإبلاغ عنها لمنظمة الصحة العالمية على مستوى العالم، كان نصفها تقريبا مميتا.
تقول ديبي فان ريل، التي تدرس مع فريقها في هولندا مسببات الأمراض لعدوى الفيروسات التنفسية منذ عقد من الزمان "أؤيد تطعيم المجموعات المعرضة للخطر ضد كل من فيروسات الإنفلونزا الموسمية وفيروسات H5"، مضيفا أن زيادة انتشار الإنفلونزا الموسمية تزيد من خطر إعادة تشكيل الفيروس بين أولئك الذين لديهم هذا الفيروس وعدوى H5 في الوقت نفسه".
منذ بداية انتشار إنفلونزا الطيور في مزارع الألبان الأمريكية والقطعان التجارية، كان الضرر الذي لحق بهذه الصناعات التجارية شديدا.
ووفقا لتقارير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، أصابت إنفلونزا الطيور نحو 131 مليون من الدواجن وتم العثور عليها في 919 قطيعا من الأبقار الحلوب في جميع أنحاء البلاد.
وقالت الوكالة إن هناك 66 حالة إصابة مؤكدة بين البشر في الولايات المتحدة منذ العام الماضي، وكان أغلبهم أشخاصا عملوا في مزارع تضم أبقارا أو طيورا مصابة.
وتقول راسموسن "نحن بحاجة إلى تحسين تثقيف الأشخاص الذين يعملون في مزارع الألبان والدواجن، والذين يربون الحيوانات في أفنيتهم الخلفية، أو الذين هم على صلة بالحيوانات، بما فيها الحيوانات الأليفة".
يقترح الخبراء الذين تحدثت إليهم مجلة فورتشن عدة خطوات يجب على مسؤولي الصحة اتخاذها، أولها البدء في زيادة الوعي بالفيروس، إذ ذكر عالم المناعة برايت أن معظم الناس لم يسمعوا عن فيروس H5N1 وقد لا يكون لدى الأطفال أي فكرة عن المخاطر المرتبطة بشيء عادي نسبيا مثل لمس أو التقاط طائر ميت.
ثانيا البدء فورا في تقديم التطعيمات للعاملين في المزارع المعرضين للخطر. مثلا، تقدم فنلندا للعاملين في المزارع لقاحات إنفلونزا الطيور بعد أن عانوا من تفشي المرض في مزارع الفراء.
ويقترح الخبراء أيضا توفير اللقاحات للمزارعين الذين يرغبون في تحصين الأبقار والدواجن. وتدعم المنظمة العالمية لصحة الحيوان استخدام التطعيمات كمكمل لتدابير الأمن البيولوجي الأخرى ومكافحة الأمراض أثناء تفشي المرض.
ثالث الخطوات، التعجيل بتطوير اختبارات H5 السريعة، ثم توزيعها بكميات كبيرة على المزارعين لاختبار الأبقار المريضة أو حليبها. يقول برايت إن هذه الخطوة قد تساعد المزارعين على تحديد الأبقار المصابة وإبعادها لحماية بقية القطيع.
رابعها، إفساح المجال التنظيمي للقاحات الجيل التالي من فيروس H5N1. يقول برايت: "يتعين علينا الاعتراف بأن نهجنا التقليدي في اللقاحات يمكن أن يتفوق عليه فيروس سريع التغير والانتشار".
وأخيرا، تعزيز إمدادات الأدوية المضادة للفيروسات وتنويعها، حيث يجب أن يشجع المسؤولون الفيدراليون تسريع الجهود للموافقة على خيارات علاجية أخرى، كما يقول برايت، ما يشمل العلاجات التي تساعد على مكافحة الالتهاب و"عاصفة السيتوكين"، وهي استجابة مناعية مفرطة النشاط يقوم بها الجسم استجابة للعدوى مثل الإنفلونزا.