"مصافحة" من "ذهب" .. معادلة التقاعد المبكر تتغير في السعودية
"مصافحة" و"ذهب". الأولى تعكس الاتفاق. والثانية تمثل الثراء. كلتا المفردتان اجتمعتا في برنامج أقرته الحكومة السعودية، وينتظر إطلاقه رسميا قريبا تحت عنوان مغري "المصافحة الذهبية" لانتقال الموظفين من القطاع الحكومي إلى الخاص.
وبعد انطلاق رؤية السعودية 2030 في عام 2016، تغيرت معادلة العمل، إذ بات المقياس الرئيسي: الإنتاجية ثم الإنتاجية.. وأيضا الإنتاجية. لم تعد المسألة مرتبطة فقط باستيفاء ساعات العمل يتم خلالها ما يمكن تسميته "الهدر الوظيفي"، أو الاعتماد على كسب رضا المسؤول. من هنا يأتي برنامج "المصافحة الذهبية" التي تتأهب الحكومة السعودية لإطلاقه رسميا خلال الفترة المقبلة.
الأسئلة كثيرة، والإجابات غير مكتملة حول البرنامج الجديد – كما يبدو واضحا من النقاشات الجارية في مواقع التواصل الاجتماعي على مدار اليومين الماضيين. وتتلخص الأسئلة في: من يستفيد؟ هل القطاع الخاص قادر على استيعاب الأعداد الكبيرة المتوقعة للانتقال إليه؟ كيف سيتم احتساب التعويض المالي؟ هل يستطيع الموظف الذي يغادر القطاع العام العودة إلى الرواق الحكومي يوما ما؟
وبرنامج المصافحة الذهبية خاص لموظفي الخدمة المدنية، يهدف إلى التحفيز للخروج من الخدمة عن طريق الاستقالة وتصفية الحقوق، ويشمل موظفي الجهات الحكومية الذين يشغلون وظائف يمكن إلغاؤها أو إحلالها، وأصحاب المؤهلات الأدنى التي تُعطى لهم الأولوية، وأخيرا الموظفين الذين تنطبق عليهم الشروط كسنوات الخدمة ومستوى الأداء الوظيفي.
يتوقع أن يسهم البرنامج، في تدوير القوى العاملة في الحكومة السعودية، وإبقاء أفضل الكفاءات ومعالجة تحديات ضعف الإنتاجية، و تحسين الكفاءة التشغيلية والبشرية، بحسب خبراء تحدثوا لـ"الاقتصادية".
"تدوير القوى العاملة في السعودية، لاستبقاء أفضل الكفاءات ومعالجة تحديات ضعف الإنتاجية وتطبيق سياسات تعزز التنافسية والكفاءة التشغيلية والبشرية"، هكذا رأى الخبير الاقتصادي أحمد الشهري، انعكاسات القرار، مشيرا إلى مساهمته في تغيير ثقافة العمل القديمة لضمان توفير المهارات والجدارات المطلوبة في الأجهزة العامة.
الشهري اعتبر أيضا أن البرنامج سيخلق بيئة عمل تتسم بالتكامل، لأنه يمنح فرصا إضافية للشباب السعودي، خاصة القادمين الجدد منهم، للاندماج في سوق العمل الحكومي، ما يعزز من مشاركتهم دون التأثير على استقرار أسر الموظفين مالياً في المدى القصير والطويل.
والبرنامج لا يشمل عدة فئات، أولها الموظفون الذين بلغوا سن التقاعد القانوني أو المبكر بعد تاريخ صدور النظام، إلى جانب الذين لا تنطبق وظائفهم على معايير الإلغاء أو الإحلال مثل الوظائف ذات الأولوية أو الحاجة الماسة للاستمرارية فيها.
ولعل مجموعة stc السعودية، كانت من أبرز الشركات التي انتهجت مثل هذه البرامج باسم "الشيك الذهبي"، وهو عبارة عن نهج إداري لشراء فترة خدمة موظف الشركة المتبقية وتعويضه مقابل إنهاء علاقته بالوظيفة وإنهاء خدمته مقابل أجر مغري.
خبير موارد بشرية الدكتور ياسر اليابس، يشير إلى أن البرنامج سيعمل في تقليل الأعباء المالية المرتبطة بالرواتب والمزايا المستمرة للموظفين الذين تكون إنتاجيتهم ضعيفة ودون المستوى المطلوب.
توقع أن يكون هناك إقبال جيد على البرنامج، بما يهدف تحسين الكفاءة التشغيلية للجهات الحكومية، وتعزيز التعاون بين الجهات، وتقليل الاعتماد على التوظيف الجديد من خلال الاستفادة المثلى من الموارد البشرية المتاحة.
وللاستفادة من البرنامج، يتطلب أن يكون قد سبق للموظف التقدم على أحد الخيارات من النقل أو الإعارة أو إعادة بناء المهارات، قبل أن يكون البرنامج متاحا للاستفادة منه، فيما يتم تحديد الفئات العمرية وسنوات الخدمة المحددة للبرنامج وتعتمد الشروط والضوابط والإجراءات والآليات من قبل وزير المالية ووزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
وبحسب اللائحة الأولية الصادرة عن مجلس الوزراء السعودي التي انفردت "الاقتصادية" بنشرها البارحة، يتضح أن الاستفادة اختيارية، ولا توجد فرصة للمغادر الحكومي العودة إليه، لكن تبقى إجابة عن سؤالين في غاية الأهمية: هل القطاع الخاص قادر على الاستيعاب؟ وكم مبلغ "الشيك المنتظر" للبرنامج؟
الشاهد، أن معادلة التقاعد المبكر تتغير في السعودية.