السعودية .. يد تبني وأخرى تنشر السلام

تعيش منطقة الشرق الأوسط تحركاً إيجابياً تقوده "السعودية" ومعها بعض دول المنطقة والعالم لعودة الاستقرار والسلام إلى هذا الجزء المهم من العالم سياسياً واقتصادياً، وقد تحققت خطوات ايجابية في عودة سورية ولبنان إلى الحضن العربي وستعود فلسطين قريباً بإذن الله ثم بجهود السعودية التي تصر على حل الدولتين بحيث تظهر دولة فلسطين المستقلة في حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.. وأمام هذا الحراك الذي يرفع شعار لا صوت يعلو على صوت السياسة الحكيمة قررت أن يكون مقالي اليوم بنكهة سياسية بدل أن أركز على الاقتصاد فقط والسياسة والاقتصاد صنوان لا يفترقان يؤثر أحدهما عضوياً في الآخر.

والكل يعلم أن الدور السعودي منذ تأسيس الدولة يقوم محلياً وإقليمياً على أن تكون هناك (يد تبني ويد تنشر السلام) وظهر ذلك جلياً في الفترة الأخيرة بدعم من القيادة ومتابعة من ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان الذي أعلن أكثر من مرة أن السعودية لا تعمل لنفسها فقط وإنما لخير المنطقة والعالم.. وعودة إلى الماضي عند تأسيس الدولة السعودية الحديثة نجد أن حكمة وقيادة الملك عبدالعزيز رحمه الله كانت تلازم شجاعته وأخلاقه الأصيلة في التعامل مع قضايا الداخل والخارج هي من بنت المنهج السياسي، وسانده في ذلك ذوي الحكمة من أبنائه ومواطنيه الذين آمنوا بنهجه، واختار منهم كوكبة من أبناء المناطق المختلفة للمساندة في رسم السياسة وتنفيذ الرؤى ولم تقف اختيارات الملك المؤسس على مواطنيه بل قرب بعض أصحاب الكفاءة من الدول العربية وممن يتحدثون اللغات الحية مع خبرة في الشأن السياسي للمساهمة في بلورة الرؤية السياسية للسعودية وإيصالها مبكراً لأطراف العالم ما أبهر الزعماء المعروفين في ذلك الزمان.

وظلت عجلة السياسة تدور بهدوء وانتظام ما أكسب السعودية سمعة سياسية رصينة تتمتع بها حتى الوقت الحاضر حيث لا تحسب على الغرب والشرق وإنما لها سياساتها الواضحة والقوية التي جعلت من سمو ولي العهد الشخصية القيادية الأكثر تأثيراً في المستوى العالمي لأعوام متعددة ومن مطبوعات ومنظمات عالمية مختلفة. وطالما كان الحديث عن المنهجية السياسية بالجهود الدبلوماسية السعودية فلابد من ذكر جهود الأمير الراحل سعود الفيصل في متابعة مختلف القضايا وتصريحاته القوية والواضحة التي تمثل نهج السعودية القوي الذي لا يظهر غير ما يخفي، ولا يجامل على حساب الحق ومن أمثلة ذلك المطالبة بالحقوق الفلسطينية الذي لم تفتأ عنه السعودية ولم تدخل في سوق مزايداته وتجاذباته السياسية والجهود الاستثنائية التي قام بها عبر رحلاته التي لم تتوقف وبالذات عند احتلال دولة الكويت الشقيقة.. وفي الوقت الحاضر وزير الخارجية الأمير فيصل الفرحان الذي يسكن طائرته، ويجسد الشخصية الأنسب والعقلية المثالية لتمثيل السياسة السعودية العريقة، عبر قيامه بجهود مكثفة لتنفيذ توجيهات القيادة وإيجاد حلول دبلوماسية لقضايا المنطقة والعالم كما حدث في إزاحة الكابوس عن دولتين هامتين في المنطقة والثالثة قريباً إن شاءالله.

وتبع هذا النهج السياسي الراسخ والرغبة في الخير للجميع نهجاً اقتصادياً مشابهاً، فما أن بدأ البحث عن النفط عام 1933م عن طريق شركة (ستاندرد اويل اوف كاليفورنيا) التي أصبحت لاحقاً (أرامكو السعودية) حتى بدأت تتشكل الرؤية لكيفية توظيف نواتجه على التنمية وتعزيز حضور السعودية دولياً، ورغم أن المؤشرات لم تكن إيجابية في البداية لكن النظرة البعيدة والإصرار على تنمية موارد الدولة والنية الطيبة جعل المحاولات تستمر حتى تدفق البترول من بئر الدمام رقم 7 بالقرب من الظهران وذلك عام 1938م ولذا أطلق على هذه البئر اسم (بئر الخير) لأنها عدّت بداية عهد جديدة للسعودية لتكون لاعباً أساسياً في سوق الطاقة العالمي ومؤسساً لمنظمة (اوبك) ورسم السياسة الدولية للطاقة.

وأخيراً: كان لاكتشاف البترول وتوسيع إنتاجه ووضع سياسة حكيمة للاستفادة من عائداته أثر في تطوير القطاعات الأخرى كالصناعة والزراعة والخدمات والسياحة وغيرها وساعد على ذلك اختيار وزراء تكنوقراط فعلاً وليس قولاً خاصة في الوزارات ذات العلاقة بالشأن الاقتصادي ما حقق تنفيذ الخطط التي وضعتها القيادة وفق برامج محددة.. والملاحظة الأخيرة أن السعودية لم تنشغل بالتدخل في دول الجوار كما فعلت بعض الدول وإنما ركزت على البناء الداخلي وتقديم الخير وتحقيق السلام للجميع في المنطقة والعالم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي