الرهان على "المعاد تدويرها" .. كيف يمكن للتعدين تلبية الطلب على السيارات الكهربائية؟
تعد إزالة الكربون من جميع وسائل النقل من التحديات الرئيسية التي تواجه العالم، إذ إن القطاع يمثل نحو 20% من جميع الانبعاثات العالمية، وفقا لموقع المنتدى الاقتصادي العالمي.
في حين إن التحول إلى السيارات الكهربائية ربما لا يكون الخيار الأفضل لإزالة الكربون من الطائرات أو السفن، إلا أنه الخيار الأسهل والأكثر قابلية للتطبيق للنقل البري.
بدأ اعتماد المركبات الكهربائية بالفعل بوتيرة متسارعة في جميع أنحاء العالم. في المتوسط، نمت مبيعات المركبات الكهربائية 45% سنويا على مدى الأعوام الثلاثة الماضية وستستمر في التوسع بوتيرة تبلغ 15% على مدى الأعوام العشرة المقبلة. ويرجع هذا إلى تطوير تكنولوجيا البطاريات المتقدمة، والتوسع السريع في البنية التحتية لإعادة الشحن والإعانات الضريبية.
مع استمرار نمو الطلب على المركبات الكهربائية في المناطق التي يكثر فيها التنقل في الضواحي مثل الولايات المتحدة وكندا وأمريكا الجنوبية، سيكون هناك طلب على البطاريات ذات المدى الأطول. تستخدم هذه البطاريات عادة مزيدا من النيكل، وبالتالي من المتوقع أن يزيد الطلب على هذا المعدن من 500 كيلو طن سنويا إلى 1.8 مليون طن سنويا على مدى الأعوام الـ10 المقبلة، وفقا لتقديرات شركة التعدين فالي باستخدام بيانات الصناعة من شركتي رو موشن وبينشمارك مينيرالز.
كما سيزداد الطلب على المعادن الأخرى مع تطور سوق المركبات الكهربائية. عادة ما تستخدم شركات صناعة المركبات الكهربائية النحاس بدلا من الألمنيوم، لأنه يوصل الكهرباء بشكل أفضل وأكثر سلامة. ووفقا لتقديرات فالي، في حين سينمو الطلب على النحاس لجميع وسائل النقل الأخرى بمعدل متواضع يبلغ 0.5% سنويا على مدى الأعوام الـ10 المقبلة، سيتوسع الطلب على النحاس للسيارات الكهربائية بمعدل 10.5% سنويا خلال الفترة نفسها.
سيظل الفولاذ هو المادة المفضلة لهياكل السيارات والعناصر الهيكلية الأخرى نظرا لمقاومته الميكانيكية الأفضل وقابليته للتشكيل واللحام والطلاء، كما أنتج كثير من التطورات التكنولوجية أيضا صفائح مخصصة وسبائك أخف وزنا.
وفي حين إن المعادن المعاد تدويرها (المعروفة بالمعادن الثانوية) يمكن أن تساعد على تلبية احتياجات طفرة السيارات الكهربائية، إلا أن هناك تحديات يمكن أن تزيد الطلب على المعادن الأولية على مدى 10-15 عاما المقبلة.
يعد الفولاذ أحد أكثر المواد المعاد تدويرها حول العالم، ويمثل الفولاذ المعاد تدويره في الولايات المتحدة بالفعل ما يقارب 70% من العرض المحلي.
لكن لكي يكون المعدن المعاد تدويره أكثر تنافسية من المعدن الأولي، يجب أن تتوافر فيه أربعة شروط رئيسية للسوق، أولها يتمثل في مجموعة كبيرة من الخردة، حيث يجب أن توجد كمية كافية من الفولاذ المستخدم لإعادة التدوير، ثاني الشروط يتمثل في الدرجة الكبيرة من التحضر والبنية التحتية لجمع ومعالجة الخردة بشكل فعال، إضافة إلى وصول الطاقة النظيفة لأن إعادة تدوير الخردة تستهلك طاقة كبيرة، وأخيرا، أن يكون الطلب مستقرا أو متناقصا على المعدن نفسه.
تتوقف إعادة تدوير المواد الخام للبطاريات على زيادة مخزون الخردة والوصول إلى الطاقة النظيفة التنافسية. وفي حين يمكن تسهيل عملية التجميع من خلال حلقات مغلقة من الاستهلاك، فإن بعض المواد ستكون أكثر جاذبية لإعادة التدوير ــ مثل الكاثودات التي تحتوي على النيكل ــ بسبب قيمتها الاقتصادية الأعلى.
لكن كل هذا سيتضاءل مقارنة بالزيادة في الطلب على هذه المعادن، التي ستظل متقدمة على معدلات إعادة التدوير لمدة 10-15 عاما أخرى على الأقل. وعلى هذا النحو، ستظل المصادر الأولية أساسية في التحول نحو المركبات الكهربائية في قطاع النقل حول العالم.
هذا الاعتماد المستمر على المصادر الأولية يعني أن قطاع التعدين يجب أن يسعى لتحسين أدائه الاجتماعي والبيئي - حتى مع اعتبارها صناعة غير متجددة في الأساس لأنها تستغل موارد محدودة. تدرك المجتمعات المحيطة والمجتمع ككل أهمية التعدين ومساهمته في الاقتصاد - من النقل إلى الإسكان والسلع الرأسمالية والأجهزة المنزلية والوظائف - لكن كثيرا منهم يطالبون بزيادة الامتثال فيما يتعلق بالسلامة والتأثير البيئي والقيمة المشتركة.
يجب اتخاذ 3 خطوات لتوفير جميع المعادن الأساسية اللازمة للتنقل النظيف. أولا، يجب أن يكون المستهلكون مثل شركات صناعة المركبات الكهربائية على دراية بمصدر المعادن التي يستخدمونها ومقاطعة التي لا تلتزم بأعلى المعايير الممكنة.
ثانيا، يجب على صناع السياسات أن يسعوا إلى تحقيق المساواة في الفرص من خلال فرض رسوم جمركية على المنتجات التي يتم الحصول عليها من المناطق غير الممتثلة. مثلا، تهدف آلية تعديل حدود الكربون التابعة للاتحاد الأوروبي إلى ضمان أن يكون سعر الكربون لواردات المنطقة مساويا لسعر الكربون للإنتاج المحلي.
ثالثا، بمجرد استيفاء هذه الشروط، يجب على المساهمين اتخاذ قرارات الاستثمار بناء على فهم شامل للمخاطر المترتبة على الاستثمار في شركات التعدين ذات الأصول الأقل ملاءمة للبيئة.
على المدى الأبعد، ستكون مطابقة جميع شركات التعدين مع أعلى المعايير الممكنة هي الحل الأمثل لتطوير وسائل نقل نظيفة وخالية من الكربون.