مسؤول في صندوق الاستثمارات العامة: موجودون في 6 أسواق عالمية وراضون عن عوائدنا
في عالم الاستثمار، حيث تتحرك رؤوس الأموال وفق إستراتيجيات ورؤى بعيدة المدى، يسعى صندوق الاستثمارات العامة السعودي إلى إعادة تشكيل المشهد الاستثماري للمملكة، مستندا إلى شراكات دولية ونهج حديث في إدارة الأصول، يبرز الصندوق كلاعب رئيسي لا يسعى فقط إلى تحقيق العوائد، بل إلى بناء منظومة استثمارية متكاملة، تستقطب الخبرات العالمية وتفتح آفاقا جديدة أمام المستثمرين المحليين والدوليين.
في هذا الحوار الذي أجراه رئيس تحرير "الاقتصادية" محمد البيشي مع مدير إدارة استثمارات الأوراق المالية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في صندوق الاستثمارات العامة الأستاذ عبدالمجيد الحقباني، نكشف ملامح من إستراتيجية الصندوق، وأهدافها، وتأثيرها في الأسواق المالية على هامش "قمة الأولوية العالمية" التي تنظمها "مبادرة مستقبل الاستثمار"، فإلى الحوار:
من قمة الأولوية العالمية التي تنظمها مبادرة مستقبل الاستثمار في ميامي، كيف يخدم هذا الحدث صندوق الاستثمارات العامة وأهداف المملكة في الاستثمار وإدارة الأصول وأسواق رأس المال؟
على مدار السنوات الماضية، كانت إدارة الأصول في المملكة تركز بشكل أساسي على السوق المحلية، بينما كان وجود المستثمر الأجنبي محدودًا، ومع التطورات الأخيرة التي قادتها هيئة السوق المالية والبرامج الحكومية، تم تسهيل دخول المستثمرين الأجانب، لكن هذه الإجراءات وحدها ليست كافية. دورنا يكمن في تأسيس شراكات رئيسية مع مديري الأصول العالميين، ولا سيما في الولايات المتحدة، حيث يمتلكون خبرة واسعة وقدرة استثمارية عالية، هذه الشراكات تتيح لنا تطوير منتجات استثمارية تدعم أهداف الصندوق من حيث العوائد والاستثمارات متوسطة وطويلة الأجل.
نؤكد دائما على أن يكون المقر الرئيسي لهذه الشراكات في المملكة، بحيث تكون العقول المديرة للاستثمارات موجودة هنا، كما نعمل على توطين إستراتيجيات استثمارية جديدة تدعم السوق المحلية، وتتيح للمستثمرين فرصا جديدة.
ما إستراتيجية الصناديق المتداولة التي استثمر بها صندوق الاستثمارات العامة؟
أطلقنا إستراتيجيتنا عام 2022، وكانت البداية من هونج كونج، حيث لاقت الصناديق المتداولة نجاحا كبيرا، وشهدنا طلبا قويا من المستثمرين في المنطقة. بناء على هذا النمو، قام شركاؤنا بطرح وحدات متداولة في شنغهاي وشنزين، وانتقلنا لاحقًا إلى أوروبا عبر إطلاق صناديق متداولة للدخل الثابت في أسواق لندن وفرانكفورت.
تركيزنا ينصب على فتح الأبواب أمام السوق السعودية وجذب المستثمرين الدوليين من خلال تعزيز الشفافية وتوفير مؤشرات واضحة عن الفرص الاقتصادية في المملكة، ما يدعم تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى السوق المالية السعودية.
هل يعكس الطلب القوي ثقة المستثمرين بأداء الصندوق أم في الأسواق التي تتداول فيها هذه الصناديق والأرباح التي تحققها؟
السوق السعودية تتمتع بميزة فريدة، خصوصًا للمستثمرين الآسيويين، حيث يتم تسعير الأصول بالريال المرتبط بالدولار، ما يوفر لهم استقرارًا نسبيًا مقارنة بأسواق أخرى، كما أن السوق السعودية تتميز بنمو اقتصادي قوي وتركيبة سكانية شابة تدفع عجلة الاقتصاد. مهمتنا كانت توضيح هذه المزايا للمستثمرين الأجانب، ما أسهم في تحقيق النجاح وزيادة الطلب على منتجاتنا الاستثمارية.
كيف تسهم هذه الإستراتيجية في تحقيق أهدافكم وتطوير السوق المالية السعودية؟
نعمل على تعزيز الاستثمار المؤسسي في السوق، ما يحد من التذبذبات في السوق ويرفع مستويات الحوكمة لدى الشركات المدرجة، عندما يكون المستثمرون المؤسسيون أكثر وجودا، تتحسن جودة المعلومات وإدارة الشركات، مما يرفع مستوى السوق بشكل عام.
ما أهمية الشراكات مع مديري الأصول العالميين للصندوق والسوق المحلية؟
مديرو الأصول العالميون يمتلكون خبرة طويلة في مجالات الابتكار والاستثمار، ونحرص على الاستفادة من تجاربهم، خاصة في التقنيات المالية الحديثة التي تحدث تحولا في إدارة الأصول عالميا، نهدف إلى جعل المملكة مركزا لهذه الابتكارات، وأن تكون مختلفة عن النمطية العامة الموجودة في الأسواق التقليدية، ونشجع التعاون بين مديري الأصول المحليين والعالميين من خلال شراكات إستراتيجية.
إضافة إلى ذلك، أطلقنا برامج لتطوير الكوادر المحلية في مجال إدارة المحافظ الاستثمارية، لتأهيل الجيل القادم من المستثمرين.
ماذا عن برنامج تطوير مدراء الأصول؟
بدأ البرنامج عام 2019، ويركز على تشجيع مديري الأصول على الابتكار في المنتجات الاستثمارية، طبعاً هذا لا يلغي المنتجات التقليدية المهمة جداً لمحفظة أي مستثمر، لكن المنتجات المبتكرة هي التي توجد الفرق الإيجابي بالنسبة إلى المستثمر، نحرص على تقييمهم بعمق قبل التعاون معهم، حيث نقيّم الجوانب التقنية والحوكمة وإدارة المخاطر والموارد البشرية لضمان ثباتهم ورفع مستواهم إلى المعايير العالمية.
كم عدد الأسواق التي استهدفتها استراتيجية الصندوق فيما يخص الصناديق المتداولة؟
يعمل شركاؤنا حاليا في 6 أسواق رئيسية: هونج كونج، شنزين، شنغهاي، فرانكفورت، طوكيو، ولندن. اختيار هذه الأسواق يخدم إستراتيجيتنا في الوصول إلى المستثمرين العالميين وجذبهم إلى السوق السعودية، علي سبيل المثال الوجود في فرانكفورت يخدم أسواقا مجاورة، فهو متاح لغالبية المستثمرين الأوروبيين عبر وحدات الصناديق المتداولة.
ما تقييمك للعوائد المحققة من الأصول المدارة؟
يبلغ متوسط العائد السنوي طويل الأجل في الأسواق العالمية نحو 8%، مع تذبذبات سنوية بالزيادة والنقصان، إستراتيجيتنا مبنية على الاستثمار طويل الأجل وفق معايير مدروسة لتحقيق عوائد مستدامة.
لا يوجد مستثمر في العالم لا ينظر إلى العائد، ونحن في الصندوق لا نستهدف الأرباح السنوية أو الربعية، استثماراتنا طويلة الأجل، وراضون عن العائد الذي نحققه من استثماراتنا.
حدثنا عن مبادرة البوابة الرقمية الخاصة بالصندوق.
أطلقنا البوابة الرقمية (بوابة مديرو الأصول) لتسهيل تواصل مديري الأصول مع الصندوق وتقديم منتجاتهم وإستراتيجياتهم، هذا النظام يضمن توحيد الإجراءات مهما اختلفت طريقة التنسيقات والأرقام المستخدمة من قبل مدراء الأصول، هذه المبادرة ينتظر لها أن تحسن كفاءة التقييم والاختيار، لاستقطاب أفضل مديري الأصول عالميا.
كم خدمت هذه البوابة حتى الآن؟
حتى الآن، تلقينا أكثر من 90 طلبًا جادًا، معظمهم من المستثمرين الدوليين، ونعمل حاليا مع 37 من مديري الأصول، بينهم 13 مديرا عالميا يعملون في السوق السعودية، و3 منهم قاموا بنقل مقراتهم الإقليمية للمملكة مؤخرا وذلك بفضل مبادراتنا الداعمة.
شكرا على منحك "الاقتصادية" هذه الفرصة الحوارية أستاذ عبدالمجيد.
الشكر لك أستاذ محمد، هذا شرف لي.