مخاوف المعروض النفطي تمتص صدمات السياسات الجمركية الأمريكية وتبقي الأسعار متماسكة

مخاوف المعروض النفطي تمتص صدمات السياسات الجمركية الأمريكية وتبقي الأسعار متماسكة
ناقلة نفط لشيفرون في فنزويلا. "رويترز"

بين ضغط وضده، يبقى النفط متماسكا، ترقبا لأي إشارات واضحة تحدد ملامح مستقبل أسواق الخام العالمية، في مشهد ضبابي أفرزته تباينات السياسات الأمريكية، وفقا لما يراه محللون تحدثوا لـ "الاقتصادية".

ارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت 1.2% في العقود الآجلة تسليم أبريل المقبل، ليسجل 73.4 دولار للبرميل بحلول الساعة 0125 بتوقيت جرينتش اليوم الخميس، بينما زاد سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.15% عند 69.4 دولار للبرميل.

هذا هو أول ارتفاع لأسعار الخام في 3 جلسات، مع تجدد المخاوف من نقص الإمدادات، على الرغم من المخاوف السابقة من تخمة في المعروض يقابلها تقلص الطلب بفعل تأثيرات الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على سلع وواردات من عدة دول.

تظهر أسواق النفط علامات ارتباك في مواجهة الحجم الهائل من المواقف السياسية الجديدة التي اتخذتها إدارة ترمب؛ وبحسب تقرير "أويل برايس"، فقد استجاب التجار للتحولات السريعة، من خلال تقليل التعرض للمخاطر.

وأكد ترمب خطته لفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على كندا والمكسيك؛ كما أعلن نيته إضافة الاتحاد الأوروبي إلى قائمة الدول التي تواجه عقوبات تجارية على الصادرات إلى الولايات المتحدة، فضلا عن نيته فرض رسوم على واردات بلاده من النحاس، وفرضه رسوما جمركية على الصين وواردات الصلب والألمنيوم من أنحاء العالم "دون استثناء".

ضغوط على النفط

تواجه أسعار الخام رياحا معاكسة، وسط مخاوف متزايدة بشأن النمو الاقتصادي العالمي، مع قلق من أن الرسوم الجمركية الأمريكية قد تضعف الطلب، وفقا لما قاله لـ "الاقتصادية" هانز يورجن كيرتسل، المدير العام لشركة "مي تيك" الألمانية.

وقد يكون من شأن تأثر النمو الاقتصادي العالمي بقرارات ترمب المتلاحقة وجود فوائض كبيرة تحدث تخمة في المعروض من النفط في الأسواق العالمية، وهو ما سيضغط على أسعار الخام؛ لكن هذه الفوائض الكبيرة صعبة المنال، وفقا لما يراه محللون.

وذكر المختصون أن هناك نموا غير متوقع في مخزونات الولايات المتحدة، حيث تشير زيادة في مخزونات الوقود إلى ضعف محتمل في الطلب، ما يضيف مزيدا من التعقيد إلى ديناميكيات السوق.

تسهم المفاوضات الدولية الجارية بشأن إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية أيضا في تعزيز تقلبات السوق، حيث إن الحلول المحتملة قد تؤدي إلى تغيير العقوبات الحالية المفروضة على روسيا، وهو ما سيعني تدفق مزيد من الخام إلى السوق.

قال سيفين شيميل، مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية لـ "الاقتصادية": "إن أسعار النفط تحت الضغط"، مع توقع المستثمرين تحقيق تقدم في محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا.

واعتبر تداول الخام الأمريكي بالقرب من أدنى مستوى له في شهرين "يعكس ضعف توقعات الطلب، حيث يرى التجار أن هذه المفاوضات الجارية خطوة إيجابية نحو خفض التصعيد، وهو ما قد يؤدي إلى رفع العقوبات عن روسيا".

لا فوائض كبيرة أبدا

بينما تتجه المعنويات في أسواق النفط إلى الجانب الهبوطي، نتيجة للمخاوف بشأن تخمة في المعروض، فإن الفوائض الكبيرة المتوقعة في سوق النفط العالمية لن تتحقق أبدا، إذ يرى المختصون أن التحولات السياسية الأخيرة، مثل السياسة الأمريكية تجاه إيران وفنزويلا كان لها أثر كبير، فاقم المخاوف بشأن انقطاع الإمدادات.

فالرياح المعاكسة التي تواجهها أسعار الخام مع تزايد المخاوف بشأن النمو الاقتصادي العالمي، تقابلها مخاوف بشأن الإمدادات، بعد إلغاء ترمب ترخيص شركة شيفرون في فنزويلا وفرض عقوبات جديدة على قطاع النفط الإيراني، وفقا لما قاله لـ "الاقتصادية" فيتوريو موسازي، مدير الشراكة الدولية في "سنام" الإيطالية للطاقة.

وقرار ترمب بشأن إلغاء ترخيص شيفرون، الذي منحه سلفه جو بايدن لشيفرون قبل أكثر من عامين، من شأنه التأثير فيما يقرب من 240 ألف برميل يوميا من صادرات النفط الخام الفنزويلية، أي أكثر من ربع إنتاج البلاد.

واعتبر المحللون السياسة الأمريكية تجاه النفط الفنزويلي تعطل سلاسل التوريد العالمية، ما يؤثر في أسعار الخام، ويؤدي إلى تقلبات الأسعار، وستكون هناك تأثيرات قصيرة وطويلة المدى.

وبشأن إيران، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية يوم الإثنين عقوبات استهدفت أكثر من 30 شخصا وناقلات بسبب "دورهم في الوساطة في بيع ونقل المنتجات النفطية الإيرانية. طالت العقوبات رئيسي شركتي النفط الوطنية وموانئ النفط الإيرانية، اللذين ساعدت عملياتهما في تمويل أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار".

وقالت الوزارة الأمريكية في بيان "إن الناقلات التي فرضت عليها العقوبات مسؤولة عن شحن عشرات الملايين من براميل النفط الخام، التي تقدر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات".

الأكثر قراءة