مصائب قوم.. اقتصادات ناشئة تستفيد من حرب ترمب التجارية رغم الضرر العالمي
تتشكل ملامح جديدة لديناميّات التجارة العالمية مع تصعيد السياسة التجارية الحمائية للولايات المتحدة وفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على وارداتها من كندا والمكسيك، بالإضافة إلى زيادة بنسبة 20% على السلع المستوردة من الصين.
خلقت هذه التدابير تحديات وفرصا، خاصة لمجموعة من الاقتصادات الناشئة، التي يرى خبراء استطلعت "الاقتصادية" آراءهم أنها في وضع جيد لملء الفراغ الذي خلفه تراجع العلاقات التجارية الأمريكية مع بعض شركائها التجاريين الرئيسين.
ستستفيد دول في أميركا اللاتينية على سبيل المثال من الرسوم الجمركية الجديدة؛ "فعلى المدى القريب، تبرز البرازيل كمستفيد محتمل، ويمكنها إعادة توجيه صادراتها النفطية والزراعية إلى الولايات المتحدة"، وفقا لما قاله لـ "الاقتصادية" إل.بي.دان، المحلل المالي في مجموعة "نيت ويست المصرفية".
وقد تتمكن دول أميركا الوسطى ومنطقة الكاريبي من زيادة حصتها في السوق الأمريكية عبر تصدير المزيد من المنتجات الغذائية، والسلع الصناعية الخفيفة، وأشباه الموصلات.
أما على المدى الطويل، فإن كلا من تشيلي وكوستاريكا وبنما في وضع جيد لجذب عمليات نقل سلاسل التوريد وتعزيز أدوارها في شبكات التجارة العالمية، بحسب دان.
الهند من المستفيدين
"تصب أي خسارة اقتصادية تتعرض لها الصين غالبا في مصلحة الهند" وفقا لما قاله لـ "الاقتصادية" الدكتور جون بيرس، أستاذ الاقتصاد الآسيوي، الذي يرى أن الهند ستستفيد بشكل كبير من المشهد التجاري العالمي المتغير.
وقد يجد المصدرون الهنود في قطاعات، مثل الزراعة والمنسوجات والمواد الكيميائية والجلود، فرصا جيدة في السوق الأمريكية.
كما أن الرسوم الجمركية الأمريكية على كندا ستدفع الشركات الكندية إلى خفض أسعار صادراتها بحثا عن أسواق جديدة تعوض بها السوق الأمريكية، مما يفتح المجال أمام تعزيز التبادل التجاري بين الهند وكندا، بحسب بيرس.
مصائب قوم
قد تحقق بعض الدول الآسيوية الأخرى، التي لم تكن ضمن خط المواجهة المباشرة مع ترمب، مكاسب من سياساته التجارية أيضا، وفقا لما قالته لـ "الاقتصادية" الباحثة في التجارة الدولية راشيل أندرسون.
من بين أبرز المستفيدين فيتنام وماليزيا، اللتين شهدتا نموا سريعا في صادراتهما إلى الولايات المتحدة خلال سنوات الدورة الرئاسية الأولى لترمب، حيث سارع البلدان إلى استبدال الصين كمورد رئيس للسوق الأمريكية، بحسب أندرسون؛ لكنها أكدت أن "هناك حاجة إلى الحذر بشأن المستقبل."
تقول أندرسون: "البلدان التي ستفلت من غضب ترمب الجمركي قد تستفيد في الواقع من علاقتها التجارية مع واشنطن، بل ومن الوضع الاقتصادي المتوتر في الدول التي فرضت عليها الرسوم الجمركية. كما أن بعضها سيستفيد من تدفق الاستثمارات الأجنبية باعتبارها بيئات أكثر استقرارا من الصين وكندا والمكسيك."
ضرر عالمي
رغم الفوائد التي ستجنيها دول من هذه الحرب التجارية، فإن أندرسون تحذر من أن تأثير الرسوم الجمركية لن يكون إيجابيا للجميع.
"تضر الرسوم الجمركية المرتفعة بالتجارة الدولية ككل، وستؤدي إلى تراجع آفاق النمو العالمي هذا العام. في النهاية، حتى المستفيدون من قرارات الرئيس ترمب لن يكونوا بمنأى عن التداعيات السلبية لهذه الإجراءات"، بحسب أندرسون.
تدفع الزيادات الأخيرة في الرسوم الجمركية الأميركية على الصين وكندا والمكسيك باتجاه إعادة تشكيل العلاقات التجارية الدولية.
ومع أن بعض الاقتصادات الناشئة من المحتمل تحقق مكاسب، فإن ذلك ليس أمرا مسلما به، فسيتوقف النجاح على قدرة هذه الدول على التكيف مع التغيرات، وتقديم بدائل تنافسية للأسواق المتأثرة.
وعلى صانعي السياسات الاقتصادية والتجارية في الأسواق الصاعدة إدراك أن التأثيرات طويلة الأجل لهذه الحرب التجارية ستتطلب منهم التكيف الدائم مع بيئة تجارية متقلبة، وضرورة امتلاك رؤية ابتكارية لاستغلال الفرص المتاحة في اقتصاد عالمي يتسم بعدم اليقين.