توريق الديون المتعثرة يواجه مخاطر التسعير وخبراء يحذرون من التضخم الائتماني
يتوقع أن يمكّن توجه البنوك السعودية للتخلص من القروض المتعثرة، من تحرير مخصصات الديون وتطوير سوق الاقتراض وتحسين نسبة الائتمان إلى رأس المال، بحسب ما ذكره اقتصاديون لـ"الاقتصادية".
وتدرس بنوك سعودية بينها "الأهلي" التخلص من القروض المتعثرة عبر صفقات توريق، لدعم تنفيذ المشاريع الحكومية العملاقة، فيما يرجح أن تبدأ أول عملية بيع رئيسية لهذه القروض خلال العام الجاري، بحسب ما نشرته "بلومبرغ" أمس.
بلغت القروض غير العاملة في البنوك السعودية المدرجة في السوق المالية الرئيسية "تاسي" نحو 32 مليار ريال، ثلثها في بنك الأهلي، وهي تمثل 1.53% من محفظة القروض.
بنوك سعودية تدرس التخلص من القروض المتعثرة عبر صفقات توريق
استفادة البنوك من بيع الديون الرديئة وخفض مخصصات الائتمان، يمكنها من زيادة قدرتها على الإقراض بمخاطر أقل وربحية أعلى تمكنها من تمويل المشاريع التنموية.
اقتصاديون أشاروا إلى أن توريق الديون المشكوك فيها ممارسة ضرورية تتسق مع تطور سوق الاقتراض المحلية، وتعزز الأداء المالي من خلال تحسين جودة الأصول وتحرير رأس المال وزيادة السيولة وتقليل المخاطر.
بشأن المخاطر، ذكروا أنها تتمثل في التسعير غير الدقيق أو ضعف الإفصاح، ما يستدعي وضع معايير تسعير واضحة ومراقبة الإقراض لتجنب التضخم الائتماني.
ممارسة جديدة لكنها ضرورية
قال لـ"الاقتصادية" رئيس مركز جواثا للاستشارات، الدكتور إحسان بوحليقة، إن البنوك التجارية السعودية ستستفيد بتخلصها من القروض المتعثرة بأنها ستحرر مخصصات الديون المشكوك في تحصليها، بما يحسن نسبة الائتمان إلى رأس المال، الذي من شأنه أن يزيد من سعتها لتقديم قروض بمخاطر أقل وربحية أعلى.
أضاف، أن توريق الديون المشكوك فيها تعتبر ممارسة جديدة لكنها ضرورية مع تطور سوق الاقتراض المحلي، ما بين مشاريع الرؤية، ونشاط القطاع الخاص الذي يعول حاليا على نموه لكي يقود الاقتصاد السعودي.
بنوك سعودية تسعى إلى تحرير قروض متعثرة بـ 32 مليار ريال
بوحليقة أشار إلى أن هيكلية الاقتراض لم تعد مقسمةَ تقسيما انيقا بين القطاع العام والأسر التجارية، خاصة مع زيادة زخم اقراض المنشآت الصغيرة والمتوسطة والرياديين ودخول مستثمرين أجانب إلى الاقتصاد.
أوضح، أن بيع أوراق مالية مخصومة، تتيح قنوات للبنوك لتنظيف قوائمها المالية وتمكنها من استخدام حصيلة بيع المحفظة لتقديم ائتمان لعملاء بشروط وعوائد افضل.
تغطية الفجوة التمويلية للمشاريع
أما رئيس إدارة الأصول في رصانة المالية، ثامر السعيد، فذكر أن البنوك ستستفيد من صفقات التوريق وتخلصها من القروض المتعثرة، بتوفير سيولة مخصومة وتخفيض حدود مخصصات الائتمان وعكسها لتعود إلى دائرة الأعمال في البنك.
أضاف السعيد لـ"الاقتصادية"، "نحتاج قطاع مالي لديه القدرة على المتطلبات التمويلية وتغطية الفجوة التمويلية للمشاريع الكبرى، لذا بدأت البنوك رسملة احتياطياتها وإضافتها لرأس المال حتى يكون لديها قاعدة رأسمالية صلبة تمكنها من التمويل ".
ونموذج عمل القطاع البنكي في السعودية قائم على نقد داخلي ونقد خارجي، وهما أموال المودعين وأموال المقترضين.
السعيد أوضح أن سبل تحرير السيولة النقدية للبنوك، تتمثل في تقديم خصم على الأموال المتعثرة وبيعها أو تصكيكها كديون متعثرة، أو بيعها لجهات طبيعة استثمارها قائم على هذه الأموال للحصول على عائد أعلى نظرا لارتفاع مخاطرها".
وتستطيع البنوك أن تحقق جزء نقدي مباشر ببيع الدين البالغ مليون ريال بقيمة 900 ألف ريال، وهو أفضل بلا شك للبنك من رجاء انتظار سداده وبالتالي تتحرر القدرة النقدية للبنوك، بحسب رئيس إدارة الأصول في رصانة المالية.
ومن أمثلة التورق، القروض السكنية التي يتم تحويلها إلى سندات مدعومة بالرهن العقاري، وتوريق قروض السيارات، حيث يتم تجميع قروض شراء السيارات وتحويلها إلى أوراق مالية يتم بيعها للمستثمرين، والمستحقات التجارية التي تقوم الشركات بتوريق الفواتير غير المسددة للحصول على سيولة فورية.
مخاطر التسعير والإفصاح
لم يغفل خبير السياسات الاقتصادية الدكتور أحمد الشهري، مخاطر توريق الديون، رغم تأكيده بتعزيزها للأداء المالي ودعم النمو الاقتصادي من خلال تحسين جودة الأصول، وتحرير رأس المال، وزيادة السيولة، ما ينشط قطاعات كالبناء والسياحة.
ويرى أن هذه العملية تدعم الاستقرار، وترفع الثقة، وتسهم في تطوير سوق الدين، لكنها تواجه مخاطر مثل التسعير غير الدقيق أو ضعف الإفصاح، ما قد يؤثر سلبا في ثقة المستثمرين.
الشهري أشار إلى أن هذه الخطوة اقتصاديا تتسق مع رؤية 2030 لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، ونجاحها يتطلب تنفيذ فعال وشفاف، مع وضع معايير تسعير واضحة ومراقبة الإقراض لتجنب التضخم الائتماني.