الصين ومنطقة الخليج تستقطبان الاستثمارات الأجنبية من جنوب شرق آسيا

الصين ومنطقة الخليج تستقطبان الاستثمارات الأجنبية من جنوب شرق آسيا

لم تأت الرياح بما تشتهي سفن بعض البورصات الكبرى في منطقة جنوب شرق آسيا خلال الآونة الأخيرة، بينما بدت مواتية لأسواق أخرى، وبالتحديد الصين ودول الخليج، التي أصبحت وجهة مثلى لاستقطاب الاستثمارت من تلك المنطقة.

منذ سبتمبر الماضي، تعاني إندونيسيا، حيث انخفض مؤشر بورصة جاكرتا 5% في يوم واحد في 18 مارس الجاري، ما أدى إلى تعليق التداول تلقائيا.

المشهد ذاته تكرر في تايلاند، فعلى الرغم من عدم وجود عمليات بيع مكثفة، كما هو الحال في إندونيسيا، تسجل عملة البلاد الوطنية "البات" انخفاضا.

يطرح هذا الوضع تساؤلات حول الأسباب، وهل يعد ذلك مؤشرا على شعور المستثمرين بعدم الارتياح تجاه الأوضاع الاقتصادية في جنوب شرق آسيا؟

وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا؟ والأهم، إلى أين تتجه رؤوس الأموال التي تغادر اقتصادات جنوب شرق آسيا؟

شعور بالتباطؤ

يرجع السبب الرئيس في ذلك إلى الشعور العام بأن النمو الاقتصادي في بلدان جنوب شرق آسيا يتباطأ، بحسب أستاذ الاقتصاد الآسيوي نيك تيموثي، الذي يشير إلى أن أغلب التوقعات "ترجح مزيدا من التراجع الاقتصادي في المنطقة، نظرا لأن معظم اقتصاداتها موجهة أساسا نحو التصدير".

وقال لـ "الاقتصادية": "بسبب عدم اليقين السائد حاليا في التجارة الدولية، نتيجة لسياسات الإدارة الأمريكية، فقدت اقتصادات جنوب شرق آسيا الكثير من بريقها المعتاد، والأكثر خطورة هو أن معظم حكومات المنطقة تعاني عجزا ماليا كبيرا، يعيق عمليا قدرتها على تبني برامج تحفيز اقتصادية فعالة".

وبينما للعوامل الخارجية دور مهم في التراجع الاقتصادي، فإن هذا الأمر لا يستبعد دور العوامل الداخلية. فالإفراط في القروض الاستهلاكية، التي بلغت في تايلاند 90% من الناتج المحلي والسياسات المالية التوسعية، كالوعود بتقديم وجبات مجانية للطلاب والحوامل في إندونيسيا بتكلفة 28 مليار دولار سنويا، من الأمور التي أثارت مخاوف بشأن الاستدامة المالية في عدة بلدان جنوب شرق آسيا.

ويكمن موطن القلق في الشعور السائد لدى عدد كبير من الخبراء بأنه لا يوجد مؤشر على أن الأمور ستتحسن قريبا في بلدان جنوب شرق آسيا.

وبقدر ما يمثل ذلك ضغطا على اقتصادات المنطقة، فإنه يضغط أيضا على المستثمرين الذين يواجهون سؤالا رئيسيا: أين يستثمرون أموالهم إذا انسحبوا من جنوب شرق آسيا؟

المسار البديل

تبرز أسواق الأسهم الصينية بوصفها "المسار الاستثماري البديل" لرؤوس الأموال الأجنبية التي انسحبت من جنوب شرق آسيا، وفقا لما يراه الدكتور لوك بولارد، أستاذ الاقتصاد الدولي.

ومنذ بداية هذا العام، سحب المستثمرون الأجانب ما يقارب 1.3 مليار دولار من إندونيسيا، وحوالي 500 مليون دولار من تايلاند، بحسب ما قاله بولارد لـ "الاقتصادية".

في المقابل، شهدت أسواق الصين تدفقات بـ 13 مليار دولار، مدفوعة بالأداء القوي لشركات التكنولوجيا في قطاع الذكاء الاصطناعي "بحيث صنفت الأسهم الصينية كأفضل الأصول أداء في الربع الأول من هذا العام".

وترى الخبيرة الاستثمارية إيلي تشاونز أن المسارات الاستثمارية أمام رؤوس الأموال الأجنبية المنسحبة من جنوب شرق آسيا محدودة "بسبب عدم اليقين الاقتصادي الناجم عن قرارات الرئيس (الأمريكي دونالد) ترمب وميله للحروب التجارية".

وقالت لـ "الاقتصادية" إن تحول رؤوس الأموال الأجنبية إلى الصين "قرار مؤقت، فمع اشتداد حدة الصراع التجاري بين واشنطن وبكين، ستبحث رؤوس الأموال التي خرجت من جنوب شرق آسيا عن مناطق بديلة للاستثمار".

الخليج الأكثر جاذبية

تمثل منطقة الخليج، وتحديدا السعودية والإمارات، وجهة جاذبة للاستثمارات الأجنبية، بحسب تشاونز.

أشارت الخبيرة الاستثمارية إلى أن الإمارات العام الماضي حققت "رقما قياسيا في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بلغ 30 مليار دولار".

وقالت إن "لدى السعودية جاذبية خاصة للاستثمار طويل الأجل، سواء لموقعها الإستراتيجي، أو لنمو قطاعات الاقتصاد غير النفطي، إضافة إلى البرامج الحكومية الضخمة في مجال البنية التحتية".

وترى تشاونز أن هذه العوامل "تدفع منطقة الخليج إلى أن تصبح أحد أبرز المناطق التي ستلجأ إليها الاستثمارات الدولية المنسحبة من جنوب شرق آسيا".

الأكثر قراءة