الثلاثاء, 8 أَبْريل 2025 | 9 شَوّال 1446


هل يبالغ المستثمرون في تقدير أخطار الأسواق الصاعدة؟

بعثت مجموعة العشرين رسالة قوية مفادها ضرورة أن تكون بنوك التنمية متعددة الأطراف "أفضل وأكبر وأكثر فاعلية". وهذا هو العنوان الرئيسي لخطة الإصلاح التي اعتمدتها مجموعة العشرين في نوفمبر 2024، والتي لا تحدد المسار المستقبلي فحسب، بل كيف السبيل إليه من خلال خريطة طريق مفصلة تتضمن 13 توصية و44 إجراء.

ويتمثل جزء رئيسي من هذه الإرشادات في أن تقوم بنوك التنمية متعددة الأطراف بتعبئة وجذب مزيد من رأس المال الخاص من أجل التنمية، إلى جانب الجهود الرامية إلى توفير مزيد من التمويل من خلال جهود الرفع المالي استناداً إلى مراكزها المالية القوية. وهو هدف تتحرك مجموعة البنك الدولي وبنوك التنمية متعددة الأطراف الأخرى بسرعة لتحقيقه، مع وجود مستهدفات طموحة قريبة الأجل تلوح في الأفق. ويشمل ذلك تعبئة 65 مليار دولار لأنشطة التمويل المناخي في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل بحلول 2030.

وحتى يتسنى تحقيق هذه المستهدفات، يجب أن يكون لدينا رؤية واضحة بشأن العقبات التي تعوق تدفق رأس المال الخاص إلى الأسواق الصاعدة. ويشمل ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، الأخطار.

ليس هناك شك أن الاستثمار في الأسواق الصاعدة ينطوي على أخطار، بدءاً من انخفاض قيمة العملة وعدم اليقين بشأن اللوائح التنظيمية وصولاً إلى صعوبات إنفاذ العقود. ولكن إجمالاً، ما مدى الأخطار التي تواجه هذه الاستثمارات؟ الإجابة عن هذا السؤال أصبحت موضع تركيز كبير بفضل الاتحاد العالمي لقواعد بيانات أخطار الأسواق الصاعدة، وهو مبادرة تضم 26 من بنوك التنمية متعددة الأطراف ومؤسسات التمويل الإنمائي. ويقوم الاتحاد بجمع بيانات عن التخلف عن السداد ومعدلات استرداد الديون لنحو 18 ألف مشروع إنمائي، بإجمالي يزيد على نصف تريليون دولار، في الفترة من عام 1994 إلى 2023.

ويدحض تحليل بيانات الاتحاد العالمي لقواعد بيانات أخطار الأسواق الصاعدة الذي قامت به مؤسسة التمويل الدولية، ذراع مجموعة البنك الدولي المعني بالتعامل مع القطاع، التصور السائد بأن الأسواق الصاعدة هي بيئات عالية الأخطار.

ومن بين أهم النتائج الدامغة المستخلصة من بيانات الاتحاد العالمي لقواعد بيانات أخطار الأسواق الصاعدة عدم الارتباط بين تصنيف الأخطار السيادية لبلد ما وأداء الشركات العاملة في هذا البلد فيما يخص التخلف عن سداد القروض والديون. ولطالما كانت التصنيفات السيادية عاملاً مهما في كيفية تقييم المستثمرين لأخطار إقراض القطاع الخاص واستثماراته في بلد ما.

ففي البلدان الأقل دخلاً، على سبيل المثال، بلغ متوسط معدل التخلف عن السداد بالنسبة للمقترضين من القطاع الخاص 6%، أي أقل من نصف معدل التخلف عن السداد المتوقع بناء على التصنيفات الائتمانية السيادية ذات الصلة (14%). ويقل التباين بين معدلات التخلف عن السداد في القطاع الخاص والمعدلات التي تستند إلى التصنيفات السيادية بدرجة كبيرة مع ارتفاع مستويات دخل البلد المعني. وبالمثل، تتقلص الفجوة عند النظر بعين الاعتبار إلى البلدان ذات التصنيفات السيادية الأفضل.

ولكن ماذا يحدث عندما يحدث التخلف عن السداد؟ تظهر إحصاءات الاتحاد العالمي لقواعد بيانات أخطار الأسواق الصاعدة أن هذه الأصول (الشركات) تتمتع أيضا بمعدلات استرداد أعلى من المتوقع. وفي المتوسط، يحقق المستثمرون معدلات استرداد لاستثماراتهم وفق بيانات قروض اتحاد قواعد بيانات الأسواق الصاعدة في الشركات المماثلة من القطاع الخاصة بنسبة 72% بعد التخلف عن السداد، وهذا الأداء أعلى من أداء قروض موديز العالمية البالغ 70%، والسندات العالمية لوكالة موديز بنسبة 59%، وسندات الأسواق الصاعدة الصادرة عن بنك جي بي مورجان بنسبة 38%. وتشير معدلات الاسترداد المرتفعة إلى أنه حتى عند حدوث التخلف عن السداد، فإن المستثمرين في الشركات العاملة في الأسواق الصاعدة يحققون أيضاً بعض المكاسب.

والشواهد واضحة جلية. ومن خلال دمج الأسواق الصاعدة في محافظ الاستثمار العالمية، لن يستفيد المستثمرون من التنويع فحسب، بل يمكنهم أيضا القيام بدور في دعم جهود التنمية طويلة الأجل في الاقتصادات الأشد احتياجاً. ويبشر هذا بخير كثير في المستقبل الذي سيتحقق بناءً على دعوة مجموعة العشرين إلى زيادة رأس المال الخاص من أجل التنمية، وقدرة بنوك التنمية متعددة الأطراف على الاستجابة لها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي