مختصون: دول الخليج خيار إستراتيجي لإعادة تصدير السلع إلى أمريكا بعد فرض الرسوم

مختصون: دول الخليج خيار إستراتيجي لإعادة تصدير السلع إلى أمريكا بعد فرض الرسوم
ارتفعت قيمة السلع المعاد تصديرها إلى 90 مليار ريال في 2024.

برزت دول الخليج وعلى رأسها السعودية، كوجهة إستراتيجية لإعادة تصدير السلع إلى أمريكا، بعد أن فرضت واشنطن رسوما جمركية مشددة على وارداتها من شركاء تجاريين رئيسيين مثل الصين والاتحاد الأوروبي، وفقا لمختصين وخبراء اقتصاديين في قطاع الخدمات اللوجستية تحدثوا لـ"الاقتصادية".

وبحسب المختصين، فإن الرسوم التي فرضتها أمريكا بنسبة 34% على الواردات الصينية و25% على الاتحاد الأوروبي، قد تدفع الشركات العالمية ولا سيما الصينية، إلى البحث عن مسارات بديلة تقلص التكاليف وتحافظ على قدرتها التنافسية في السوق الأمريكية.

وهنا قال الرئيس التنفيذي لمركز التنمية للدراسات الاقتصادية، الدكتور علي بوخمسين: إن السعودية ودول الخليج تمتلك مقومات تؤهلها لتكون مراكز لإعادة التصدير.

أرجع بوخمسين ذلك إلى موقعها الجغرافي الإستراتيجي، وتطور بنيتها التحتية اللوجستية، وعضويتها المؤثرة في مجموعة العشرين، إلى جانب كونها من الشركاء التجاريين الموثوقين لدى أمريكا.

وشهدت السعودية قفزة لافتة في نشاط إعادة التصدير، إذ ارتفعت قيمة السلع المعاد تصديرها إلى 90 مليار ريال في 2024، مقارنة بـ63.4 مليار ريال في 2023، بزيادة 42.3%، ما يعزز موقع المملكة مركزا لوجستيا إقليميا وعالميا.

من جانبه، يرى الاقتصادي زيد البقمي، أن التوترات التجارية بين واشنطن وشركائها توفر فرصة لدول الخليج لاستقطاب استثمارات أجنبية مرتبطة بأنشطة إعادة التصدير، مستفيدة من موقعها الرابط بين 3 قارات، إلى جانب امتلاكها موانئ حديثة مثل ميناء الملك عبدالله وميناء جدة الإسلامي.

وقال البقمي إن السعودية تتمتع باتفاقيات تجارية مرنة تقلص من تكلفة التجارة العابرة، مشيرا إلى أن دول الخليج قد تصبح نقطة تجميع وتصنيع جزئي لبعض المنتجات قبل إعادة تصديرها، ما يمنحها مزايا منشأ تقلل من الرسوم الأمريكية.

وتصدرت الهواتف الذكية قائمة السلع المعاد تصديرها في السعودية العام الماضي بما يعادل 27.5% وقيمة 24.8 مليار ريال، تليها السفن بنسبة 13.4%، والسيارات بـ4.3%، وسفن القطر بـ3.9%، بحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء.

من جانبه، حذر الاقتصادي عماد الرشيد من أن إعادة التصدير إلى أمريكا ستخضع للأنظمة الجمركية الصارمة، بما يشمل قوانين السلامة وحقوق العلامة التجارية وتحديد بلد المنشأ.

أضاف، أن الدول المتضررة من الرسوم قد تفضل التفاوض مباشرة مع واشنطن بدلا من الالتفاف على السياسات الحالية، في ظل أن المستهلك الأمريكي هو المتضرر الأكبر.

لكن نشمي الحربي، المتخصص في الخدمات اللوجستية، دعم التوجه القائل بقدرة الخليج على لعب دور محوري في إعادة التصدير، مشيرا إلى أن الرسوم المفروضة على دول الخليج لا تتجاوز 10%، وهي أقل بكثير من تلك المفروضة على الصين وأوروبا، ما يخلق هامشا اقتصاديا يمكن استغلاله.

وقال الحربي: إن دول الخليج ضخت استثمارات ضخمة في موانئها ومطاراتها ومناطقها الحرة، التي تقدم تسهيلات تنظيمية وضريبية جذابة، مدعومة باتفاقيات تجارية تمنحها معاملة تفضيلية في الأسواق الأمريكية.

لكنه حذر من أن السلطات الجمركية الأمريكية تطبق قواعد صارمة بشأن بلد المنشأ، وهو ما قد يحد من فاعلية إعادة التصدير ما لم تجر عمليات تصنيعية أو تجميعية حقيقية في الخليج لتغيير منشأ البضاعة.

أضاف، أن إستراتيجية إعادة التصدير قد تواجه تحديات مستقبلية إذا قامت واشنطن بتشديد سياساتها أو استشعرت محاولات تحايل، ما قد ينعكس سلبا على العلاقات التجارية الثنائية.

ومع تصاعد الحرب التجارية عالميا، تظل دول الخليج أمام فرصة إستراتيجية لتوطين استثمارات لوجستية وصناعية تستفيد من واقع الرسوم الجديد، لكن نجاحها سيعتمد على قدرتها على الامتثال للأنظمة الدولية وابتكار حلول مستدامة.

الأكثر قراءة