النفط لا إصابات مباشرة ولكن !
في الأسبوع الأول من أبريل 2025، شهدت أسواق النفط العالمية تقلبات حادة مدفوعة بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب فرض تعريفات جمركية جديدة على مجموعة واسعة من الواردات، ما أثار مخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وبالتالي انخفاض الطلب على النفط. هذا القرار الذي أُعلن في 2 أبريل 2025 وأطلق عليه ترمب "يوم تحرير أمريكا" تضمن رسومًا بـ10% على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة، مع رسوم إضافية مرتفعة تستهدف دولًا بعينها مثل الصين بنسبة تصل إلى 34%، ردًا على سياسات تجارية عدها ترمب "غير عادلة".
تسببت هذه التعريفات الجمركية التي فرضها ترمب إلى انخفاض حاد في أسعار النفط، حيث ربطت الأسواق هذه السياسة بتراجع محتمل في الطلب العالمي على النفط وأدت إلى هبوط فوري في العقود الآجلة للخام الأمريكي "غرب تكساس الوسيط" بنسبة 6.14% لتصل إلى 67.31 دولار للبرميل. كما تراجعت العقود الآجلة لخام "برنت" 5.75% إلى 70.64 دولار للبرميل في اليوم نفسه. هذا الانخفاض تفاقم في 4 أبريل وهبطت أسعار خام برنت 7.11% إلى 69 دولارًا بينما انخفض خام غرب تكساس 7.80% إلى 66 دولارًا، مسجلاً أدنى مستوى لها منذ يوليو من العام 2022.
ورغم أن البيت الأبيض أوضح في الثالث من أبريل أن واردات النفط والغاز مستثناة من الرسوم، فإن المخاوف من حرب تجارية عالمية وركود اقتصادي أثرت في التوقعات الاقتصادية. فالولايات المتحدة، التي تشكل نحو 26% من الاقتصاد العالمي، تؤثر قراراتها بشكل مباشر في الطلب على الطاقة ومؤشرات النمو الاقتصادي العالمي.
ومع رد الصين في الرابع من أبريل برفع رسومها الجمركية على السلع الأمريكية 34% بدءًا من 10 أبريل، ازدادت حالة عدم اليقين، ما دفع أسعار النفط إلى تسجيل خسائر أسبوعية هي الأسوأ منذ أشهر.
ورغم أن النفط لم يكن المستهدف الأساسي من هذه التعريفات ولم تسعى الإدارة الأمريكية إلى تسجيل إصابات مباشرة في جسد أسواق النفط وإن كان ذلك يعمل لمصلحتها ويحقق سعر وقود أقل للشعب الأمريكي، فإن تأثير هذه التعريفات المقررة والهلع الذي دب في الأسواق المالية كما أسواق النفط كان مؤثراً جداً واقترب إلى ما يشبه السقوط الحر في أسعار النفط. هذه القرارات التي أعلنتها الإدارة الأمريكية صادفت إعلان أوبك+ في الرابع من إبريل.
تسريع خططها لزيادة الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يوميًا ابتداء من مايو المقبل، وهو قرار فاجأ الأسواق وأسهم في بعض الخسائر الناتجة عن الرسوم الجمركية. هذا القرار وإن اعتقد بعضهم أن دوافعه سياسية أو أن التوقيت قد يثير بعض علامات الاستفهام فإنني اعتقد أنه من الخطأ ربطه بهذا الدافع أو الوصول إلى هذا الاستنتاج فالإجراءات التي تمر بها عملية صنع القرار التي تتخذها أوبك+ تنتطلق من أرضية دراسة معمقة لتوازن السوق ومؤشرات الطلب وربطها بحصص الإنتاج لدى مجموعة الدول المنضوية تحت لواء التحالف.
فالمؤشرات أظهرت نمواً صحياً في الطلب على النفط وتوقعات لزيادة في حجم الطلب العالمي المدعوم من زيادة استهلاك الكهرباء في فصل الصيف وموسم الرحلات الطويلة وزيادة الأنشطة السياحية حول العالم، كما أن الاجتماع المقرر آنذاك كان مجدولاً مسبقاً وفق جدول الاجتماعات التي تعقدها اللجنة الوزارية المشتركة لمراقبة الإنتاج ووفق الدراسات التي تتلقاها اللجنة من الجهات الفنية والتي تزود اللجنة بمؤشرات الطلب وحجم المعروض.
هذه الزيادة في رأيي ستسمح للدول التي لم تستطع تحقيق الإلتزام بحصصها الإنتاجية المقررة برفع إنتاجها وفق هذه الزيادة المقررة لتكون ضمن الحصص المقررة وليس خارجها.