هنا «الدرعية» هنا «تسلا» .. سيارة المستقبل في عاصمة التاريخ

هنا «الدرعية» هنا «تسلا» .. سيارة المستقبل في عاصمة التاريخ
صورة جوية تُظهر سيارات متوقفة في مصنع تيسلا فريمونت، كاليفورنيا. "الفرنسية"

تناول مارتن إبرهارد إفطاره ثم بدأ في قراءة الصحف كالمعتاد قبل أن تقع عينيه على خبر يفيد بأن شركة جنرال موتورز سحبت سياراتها الكهربائية من الأسواق لارتفاع التكاليف وانخفاض الطلب، في لحظتها ترك المهندس الأمريكي كل شيء في يده ونزل إلى الشارع يشتري عدة صحف ليتأكد من صحة الخبر وبعدها أجرى عدة اتصالات ليطمئن أن العائق الوحيد أمام تحقيق حلمه قد زال.

لطالما حلم إبراهام بتأسيس مصنع للسيارات الكهربائية وتطبيقًا للمقولة العربية "مصائب قوم عند قوم فوائد" قرر أن يستغل الموقف وشرع مع صديقه المهندس ورجل الأعمال مارك تاربنينج في تحقيق حلمهما الذي تحقق بعد عام واحد في 2004 بعد أن تمكنا من جمع 7.5 مليون دولار معظمها من إيلون ماسك الذي شاركهما الحلم فقرر تمويل المشروع وتأسست شركة تسلا، وتولى "ماسك" مجلس إدارتها.

بعد عقدين من الزمن أصبحت "تسلا" هي الرائدة عالميًا في مجال السيارات الكهربائية وذلك بعد أن بلغت مبيعاتها نحو 90 ألف سيارة في النصف الأول من 2024 وهو ما يتفوق على مبيعات جميع الشركات المنافسة مثل "فولكسفاجن" و"بي إم دبليو" وغيرها، كما ارتفعت القيمة السوقية للشركة إلى تريليون دولار في نفس العام لتكرس ريادتها التي مكنتها من افتتاح أفرع لها في برلين وشنغهاي الصينية وولايات نيويورك ونيفادا وكاليفورنيا الأمريكية.

مع مطلع 2025 قررت "تسلا" أن تكون وجهتها الجديدة هي السعودية وذلك من خلال افتتاح 3 مقار دفعة واحدة أولها في مطل البجيري بالرياض يوم 10 إبريل الجاري، وفي اليوم التالي سيتم افتتاح متاجر مؤقتة في الرياض وجدة والدمام وذلك بهدف تعزيز التحول نحو الطاقة المستدامة وتوفير فرصة للجمهور من أجل اختبار السيارات بحسب ما أعلنت الشركة في بيانها الرسمي، كما تستهدف "تسلا" إطلاق برنامج تهيئة المواصفات عبر الإنترنت ومنح الفرصة لتقديم الطلبات الأولى تمهيدًا لاستثمارات أكبر في المملكة لاحقًا.

اختيار السعودية لتكون مركزًا لتلك الطفرة لم يكن من قبيل الفراغ، فخلال السنوات القليلة الماضية تمكنت المملكة من أن تسود منطقة الشرق الأوسط في هذا المجال ويدلل على ذلك الأرقام، إذ بلغ حجم سوق المركبات الكهربائية في السعودية نصف مليار دولار خلال 2023 وسط توقعات بأن يتخطى 2.2 مليار دولار في 2029، ووفقًا للهيئة العامة للإحصاء فمن المتوقع أن يصل عدد السيارات الكهربائية 400 ألف بحلول 2030 وهي نسبة تصل إلى 30% من حجم السيارات التي تباع سنويًا في المملكة مع توقعات بزيادة النسبة لاحقًا.

كما عملت المملكة مبكرًا على وضع بصمتها الخاصة مثلما حدث في 2022 حين أطلق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان شركة "سير" لتكون أول علامة تجارية لصناعة السيارات الكهربائية بالسعودية وهي شركة مشتركة بين صندوق الاستثمارات العامة وشركة فوكسكون، أما مهمتها هي وضع تصميم وتصنيع وبيع السيارات الكهربائية وصنع أنظمة تقنية مع خاصية القيادة الذاتية، وخلال سنوات قليلة تمكنت الشركة من توفير 30 ألف وظيفة وجلب استثمارات محلية وعالمية بنحو 562 مليون ريال.

بالتوازي مع ذلك استثمرت المملكة من خلال صندوق الاستثمارات العامة في لوسيد موترز منذ 2018، ما شجع الشركة على افتتاح أول مصنع لها في السعودية 2022 باستثمارات بلغت نحو 12.3 مليار ريال وبطاقة إنتاجية وصلت إلى 155 ألف سيارة سنويًا، كما وقعت لوسيد مع مجموعة "إس تي سي" السعودية شراكة من أجل أن تتولى الأخيرة توفير منظومة الاتصال في المركبات الكهربائية وكل ما يحتاجه العملاء تقنيًا.

إجراءات كتلك استلزمت من السعودية تمهيد البنية التحتية للسيارات الكهربائية وجعلها ملائمة للمعايير العالمية، وهو ما شرعت فيه المملكة منذ سنوات حين أطلق صندوق الاستثمارات العامة مع الشركة السعودية للكهرباء في نوفمبر 2023 شركة "إيفيك" التي تستهدف إنشاء شبكة من نقاط الشحن السريع يصل عددها إلى 5 آلاف شاحن للسيارات الكهربائية بحلول 2030 موزعة على أكثر من ألف محطة في المملكة.

كما جذبت تلك الخطوة استثمارات أخرى مثل شركة إلكترومين التي تخطط لامتلاك أكثر من 200 محطة بحسب رئيسها التنفيذي مارك نوكتن الذي أوضح أنه بالفعل تم إنشاء 12 محطة وستصل إلى 40 خلال العام المقبل 2026، وكذلك أيضًا دخلت شركة الشريف لحلول التنقل الكهربائية المنافسة من خلال تحالف ضم عدة شركات في أرجاء المملكة من أجل استثمار 50 مليون ريال كمرحلة أولى لبناء 100 محطة شحن سريع وقد تم الانتهاء من تركيب 20 نقطة بالفعل.

لكل ما سبق لم تكن تسلا هي الوحيدة التي اختارت السعودية مركزا رئيسيا لسياراتها في الشرق الأوسط، فقد سبقها في 2024 شركة "بي واي دي" الصينية التي دخلت إلى السوق السعودي بسياراتها الكهربائية مستثمرة اعتزام صندوق الاستثمارات العامة على ضخ 35 مليار دولار لتطوير الصناعة الجديدة بواقع 50 % للتصنيع و25 % للبطاريات والنسب المتبقية للرقائق وغيرها، وكذلك أعلنت شركة "فولفو" للسيارات أيضًا، ما يعني أن المنافسة أمام "إيلون ماسك" رئيس مجلس إدارة تسلا لن تكون سهلة أبدًا داخل الأراضي السعودية.

الأكثر قراءة