"فيديليتي" و"جولدمان" يجدان ملاذاً في أسهم السلع الاستهلاكية الآسيوية
تمنح الحرب التجارية العالمية دفعة قوية لأسهم شركات السلع الاستهلاكية الآسيوية، مع لجوء المستثمرين لهذه الشركات التي تُلبّي الاحتياجات الأساسية للمشترين المحليين.
أوصى استراتيجيو "جولدمان ساكس" و"مورجان ستانلي" بالاستثمار في أسهم السلع الاستهلاكية الأساسية الآسيوية في تقارير صدرت بعد فرض الرسوم الجمركية في 2 أبريل، وحثّوا المستثمرين على اتخاذ موقف دفاعي. وأعلنت شركة "فيديليتي إنترناشيونال" أنها اقتنصت أسهم شركات الاستهلاك الصينية التي تضررت بشدة، مُراهنةً على أن هذه الشركات ستستفيد من التحفيز الحكومي.
ارتفع مؤشر "إم إس سي آي" (MSCI) للسلع الاستهلاكية الأساسية في آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 5% منذ 2 أبريل، مُسجّلاً أفضل أداء بين 11 قطاعاً، ومتجاوزاً انخفاض المؤشر الأوسع نطاقاً بنسبة 2.5%. وارتفعت أسهم سلسلتي متاجر السوبر ماركت "يونغهوي سوبرستورز" في الصين و"كوبي بوسان" في اليابان بنسبة 19% على الأقل لكل منهما، كما حققت بعض شركات صناعة المشروبات والألبان أداءً جيداً أيضاً.
تحول نحو أسهم السلع الأساسية الآسيوية
يُمثل هذا تحولاً كبيراً في أداء القطاع، الذي عانى من ركودٍ حاد وسط قفزة هائلة في أسهم التكنولوجيا خلال العامين الماضيين بفعل جنون الذكاء الاصطناعي. ويُؤكد هذا التحول على ابتعاد المستثمرين عن أسهم النمو، في ظل تهديد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين بتباطؤٍ اقتصادي عالمي. كما تتلقى هذه الفئة دفعةً من مؤشراتٍ تشير إلى استعداد الحكومات الآسيوية لإطلاق حوافز مالية لدعم الإنفاق.
صرحت تشارو تشانانا، كبيرة استراتيجيي الاستثمار في "ساكسو ماركتس" في سنغافورة، بأن هذا الأداء المتفوق يُشير إلى "تحولٍ في عقلية المستثمرين من السعي وراء أسهم النمو العالمية والصادرات إلى البحث عن ملاذٍ آمنٍ مرتبط بمرونة الطلب المحلي". وأضافت: "بدأ المستثمرون يسعرون عالماً أكثر انقساماً وحمائيةً، حيث يُصبح دعم السياسات المحلية والاستهلاك أكثر أهميةً".
وفي حين أن حرباً تجارية طويلة المدى لن تنجو منها سوى قطاعات قليلة، فإن السلع الاستهلاكية الأساسية أظهرت مرونةً في أوقات الضغوط الاقتصادية. ومما يُساعد أيضاً انخفاض مؤشر القطاع لأربع سنوات متتالية حتى عام 2024، مقارنةً بالتقدم الكبير لمؤشر تكنولوجيا المعلومات الآسيوي "إم إس سي آي" (MSCI) على مدار عدة سنوات منذ عام 2019، ما يشير إلى وجود مساحة لقطاع السلع الاستهلاكية للحاق بهذه الارتفاعات.
دور حزم التحفيز
قد يستمر تحول المستثمرين إلى القطاع الاستهلاكي وسط الكشف عن خطط التحفيز المالي. وقد أدرجت السلطات الصينية مؤخراً 48 إجراءً لزيادة إنفاق الأسر في قطاعي المطاعم والرعاية الصحية، من بين قطاعات أخرى، بينما رفعت كوريا الجنوبية خطة ميزانيتها التكميلية إلى 12 تريليون وون (8.4 مليار دولار أمريكي). وفي الهند، من المتوقع أن يُحسّن هطول الأمطار الموسمية، المتوقع لها أن تكون أعلى من المعدل الطبيعي، الطلب الريفي.
أفاد تيرينس كان، خبير استراتيجيات محافظ العملاء، بأن شركة "فيديليتي إنترناشيونال" استغلت انخفاض أسهم الصين وهونغ كونغ في 7 أبريل لتعزيز استثماراتها في قطاع السلع الاستهلاكية الأساسية وبعض السلع الإضافية المرتبطة بالسفر. وقال إنه يفضل الأسهم المدرجة في البر الرئيسي على تلك المتداولة في هونغ كونغ، نظراً لأن الأولى قد تستفيد أكثر من إجراءات الدعم التي تتخذتها بكين.
وبالمثل، حققت أسهم قطاع السلع الاستهلاكية الآسيوية أداءً أفضل من نظيراتها في الولايات المتحدة وأوروبا خلال اضطرابات السوق، بفضل التعهدات السريعة بإطلاق السياسات الداعمة.
في تقرير صدر في 6 أبريل، رفع استراتيجيو "غولدمان" توصيتهم بخصوص أسهم السلع الاستهلاكية الأساسية الآسيوية بزيادة وزنها في السوق، قائلين إنهم يميلون أكثر إلى التركيز على أسهم "السوق المحلية والدفاعية". واتخذ استراتيجيو "جي بي مورغان" خطوة مماثلة لدول جنوب شرق آسيا يوم الخميس.
قطاع مستقر
قال هيرونوري أكيزاوا، كبير مسؤولي الاستثمار في "طوكيو مارين أسيت إنفستمنت إنترناشيونال": "السلع الاستهلاكية الأساسية ليست قطاعاً يشهد تقلبات كبيرة في الطلب"، وهناك عدد قليل نسبياً من الشركات ذات التعرض الكبير للصادرات الأميركية. وأضاف: "السيناريو الإيجابي هو أن تتحرك البنوك المركزية لخفض أسعار الفائدة، ما يحفز الاستهلاك".
في المقابل، عانت أسهم السلع الاستهلاكية الكمالية من توقعات بخفض الأسر إنفاقها غير الضروري. وانخفض مؤشر "إم إس سي آي" آسيا للسلع الاستهلاكية الكمالية بأكثر من 5% منذ 2 أبريل، مسجلاً ثاني أكبر انخفاض بين القطاعات.
ووفقاً لجيمس ثوم، كبير مديري الاستثمار في الأسهم الآسيوية في "أبردين إنفستمنت"، فإن أحد المخاطر التي تواجه السلع الاستهلاكية الأساسية هو ارتفاع حاد في التضخم، مما قد يحد من حماس المستثمرين تجاه هذا القطاع.
ومع ذلك، يتشكل حالياً إجماع على أن السلع الأساسية هي رهان أكثر أماناً. ومن المتوقع أن يحقق مؤشر القطاع ضعف نمو الأرباح الذي قد يحققه مؤشر "إم إس سي آي" لآسيا والمحيط الهادئ خلال الأشهر الـ 12 المقبلة.
وقال نيك تويدال، كبير محللي السوق في "إيه تي جلوبال ماركتس" في سيدني: "ستظل السلع الأساسية محط اهتمام المستثمرين في ظل هذه الظروف، بينما قد نشهد عودة إلى قطاعات أخرى مثل السلع الكمالية والخدمات إذا عادت شهية المخاطرة". وأضاف: "أشعر أن هذا لن يحدث إلا مع تغيير الولايات المتحدة لموقفها من التعريفات الجمركية".