في ظل رؤية 2030 .. المرأة السعودية نصف المجتمع ونصف الاقتصاد أيضا

في ظل رؤية 2030 .. المرأة السعودية نصف المجتمع ونصف الاقتصاد أيضا
بلغت المشاركة الاقتصادية للسعوديات أكثر من 35 %.

دمعت عين الجدة وهي تستمع إلى حفيدتها التي اختارتها الهيئة السعودية للفضاء لتكون ضمن طاقم مهمة "إيه إكس -2" الفضائية ومعنى ذلك أن الشابة التي تبلغ من العمر 34 عاما ستصبح أول امرأة سعودية تذهب للفضاء، منحتها جدتها حلقها القديم لتحلّق به.

لم تخيب ريانة بروناي ظنّ جدتها، فبعد أن أنهت مهمتها التي استمرت 10 أيام صرحت من الفضاء "حلّقت بحلق جدتي"، كما أرسلت رسالة إلى السعوديين جاء نصها "تحية طيبة من الفضاء الخارجي، الآن نعيش حلمًا لم نتخيل أن يصبح حقيقة".

لم تكن ريانة بروناي هي المرأة السعودية الوحيدة التي حققت أحلامها، فخلال السنوات الماضية حقق ملايين النساء السعوديات أحلامهن، نتيجة رؤية 2030 التي استهدفت منذ اللحظة الأولى تمكين النساء ومنحهن كافة حقوقهن ومساواتهن بالرجال، كما شجعت الرؤية المرأة السعودية على العمل في مختلف المجالات وتذليل العقبات أمامها لإبراز مواهبها وخلق مجتمع أكثر قوة وحيوية.

مستهدفات رؤية 2030 سرعان ما تحولت إلى نصوص وتشريعات وقرارات صبّت جميعها في مصلحة المرأة السعودية، ففي 2017 صدر قرار بأحقية النساء في قيادة السيارات ومنحهن رخص القيادة، وبعد أقل من عام صدر قرار آخر بالسماح للنساء ببدء أعمالهن التجارية والاستفادة من الخدمات السعودية بدون الحاجة لما يثبت موافقة ولي الأمر، إضافة إلى السفر دون إذن وأحقيتها في التبليغ عن المواليد إسوة بالرجل.

بالتوازي مع ذلك عملت المملكة على تعزيز تواجد المرأة في المؤسسات على كافة المستويات، ففي 2019 أصدرت لجنة تراخيص دوري المحترفين قرارا ألزمت فيه الأندية بوجود فريق نسائي لكل نادِ، ثم توالت التعيينات فشهدت المملكة في نفس العام تعيين أول سفيرة سعودية وهي الأميرة ريما بنت بندر وقد وصل عدد السفيرات السعوديات الآن إلى خمس سفيرات، كما تم تعيين 10 نساء في مواقع قيادية عليا لتسيير شؤون الحرمين في 2020، ووصلت المرأة السعودية إلى منصب نائب الأمين العام لمجلس الوزراء التي تولته الشيهانة العزاز في 2022 ثم اختيرت رئيسة لإدارة الهيئة السعودية للملكية الفكرية وقد تم اختيارها ضمن أقوى 100 سيدة أعمال من قبل مجلة فوربس.

في نفس السياق، حرص الملك سلمان دائما على الدفع بالعنصر النسائي في قلب الوزارات والهيئات لاكتساب الخبرة العملية ومعرفة طرق سير العمل وإدارة الدولة، فأصدر قراره بتعيين 30 سيدة في مجلس الشورى عام 2024، إلى جانب تعيين إيمان بنت هباس بن سلطان نائبة لوزير التجارة، وريما آل صقر رئيسة لإدارة تحليل أداء الميزانية بوزارة المالية، ويارا العساف لتقود الشؤون القانونية في هيئة تنمية الصادرات وأسماء أخرى كثيرة.

تلك الجهود أثمرت في النهاية عن قفزة نوعية إذ بلغت المشاركة الاقتصادية للإناث السعوديات فما فوق الـ15 سنة أكثر من 35 % متجاوزة بذلك مستهدفات الرؤية في الوصول إلى نسبة 30% فقط، كما وصلت نسبة النساء بالمناصب الإدارية المتوسط والعليا 45% بالقطاعين العام والخاص بنهاية 2023 بحسب بيان وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وتفوق النساء في مجالات بعينها عن الرجال مثل قطاع الحرف اليدوية والتعليم.

اقتصاديًا تحوّلت تلك الإنجازات إلى أرباح، فنهوض المرأة السعودية لبناء وطنها منح المملكة ملايين من الأيدي العاملة الوطنية والعقول المبدعة، ويدلل على ذلك الأرقام إذ ارتفع عدد السجلات التجارية لتأسيس الشركات الجديدة بنسبة 78% في الربع الثاني من عام 2024 مقارنة بعام 2023، وبلغت نسبة السجلات التجارية المملوكة للنساء 45% بحسب مرصد المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

كما أسهمت المرأة في ازدهار الصناعة بعد ارتفاع أعداد العاملات في المدن الصناعية من 8 آلاف موظفة في 2018 إلى 17 ألف بنهاية 2022 ما أدى بدوره إلى زيادة عدد المصانع الجاهزة والصغيرة بنسبة تتخطى الـ50% وفقًا لتقرير الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية، وكل ذلك صب في تحقيق مستهدفات رؤية 2030 بتنويع الاقتصاد خاصة غير النفطي الذي وصلت مساهمته إلى 52% في الاقتصاد العام الماضي.

الريادة في الأعمال لم تكن بعيدة أيضًا عن المرأة السعودية التي تمكنت من تأسيس مصانع وتشغيل نساء أخريات مثل طرفة المطيري التي أسست مصنع لتصنيع المنتجات والملابس العسكرية كأول سعودية تتخصص في هذا المجال وتوفر صناعة وطنية بنسبة 100%، كذلك رؤى سعود التي أنشأت مصنع شوكولاته يغطي السوق السعودي، وهناك ياسمين الشثري صاحبة أول منصة سعودية متخصصة في بيع الساعات والمجوهرات الفاخرة وغيرهم الكثير، وهو ما دفع تيم كالين الباحث الأمريكي في معهد دول الخليج العربية بواشنطن إلى اعتبار المرأة السعودية هي عنوان للشركات الناشئة في المملكة، ولذلك لم يكن غريبًا أن تنخفض نسبة البطالة بين النساء السعودية 11.9% في 2024 وفي نفس العام سجلت البطالة في المملكة أدنى مستوى تاريخي بين الرجال والنساء لتصل إلى 7%.

تمكين المرأة وفق رؤية 2030 لم يتوقف عند حدود دفعها لسوق العمل بل تخطى إلى رعايتها أثناء العمل نفسه وهذا ما أكده تقرير "المرأة وأنشطة الأعمال والقانون" الصادر عن البنك الدولي في 2024، إذ أوضح أن السعودية حصلت على العلامة الكاملة 100% فيما يخص حقوق النساء خلال العمل من حيث الأجور وحرية بدء الأعمال التجارية وإدارتها والقوانين التي تؤثر في المعاشات التي تحصل عليها بخلاف دول أخرى لا تقدم أي رعاية للمرأة بعد أن تلتحق بالعمل.

هكذا تحولت المرأة السعودية من المطالبة بحقوقها قبل عام 2016 إلى مثال للنجاح العالمي ومضرب للأمثال في التقارير الدولية والعالمية، وهكذا أوفى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بوعده حين قالها صراحة :" أنا أدعم السعودية ونصف السعودية من النساء، لذلك أنا أدعم النساء".

الأكثر قراءة