المؤسس يبدأ والعوني يكمل
هذا الخبر من الأخبار النادرة المروية عن الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل ـــ رحمه الله ــــ، وقد سجله أحد معاصريه الذين عملوا معه، قيده في أوراقه المخطوطة قبل ما يزيد على نصف قرن، وهي عن موقف حدث قبل عام 1325هـ. تقول الرواية: أراد الملك عبد العزيز في سنوات حروبه الأولى أن ينظم قصيدة حربية لتشجيع أتباعه وأنصاره على القتال، وبث الحماسة في نفوسهم، فقال شطرا: لعيون وضاح الثنايا، ثم أجبل ولم يكمل البيت، فأكمله الشاعر الشهير محمد بن عبد الله العوني، شاعر الحماسة والسياسة والحرب:
لعيُون وضاح الثنايا
والحرب جددنا عطيبه
عينيك يا غض الصبايا
لي جا نهار فيه طيبه
نارد مقابيس المنايا
ولم أجد تكملة للقصيدة، وحسب علمي فإن هذه الأبيات الثلاثة لم تنشر من قبل، وفد بحثت عنها في دواوين العوني المطبوعة والمخطوطة فلم أعثر لها على أثر، ولم يسبق لي رؤيتها في الكتب التي تحدثت عن الملك عبد العزيز. وقد عثرت عليها في أوراق الأمير الشاعر محمد الأحمد السديري، الذي كان مهتما اهتماما كبيرا بأخبار الملك عبد العزيز، كما كان مهتما بشعر العوني، وحريصا على جمعه. وهي بخط اليد. وفي أوراق ومخطوطات الأمير محمد السديري الكثير من القصص والأخبار والأشعار النادرة، ومخطوطاته التي كتبها وجمعها أكثر بكثير مما وصلنا، لكن مع الأسف لا يزال بعضها مفقودا إلى اليوم، وربما ضاع بعضها بسبب الإهمال، وعدم معرفة قيمتها الحقيقية.
وليس لدي مزيد علم حول الخبر السابق، وأرجو ممن سمع هذا الخبر أو هذه الأبيات ولديه تكملة لها أن يفيدني مشكورا. وإذا صحت نسبة الأبيات، فهي مما قيل قبل عام 1325هـ، لأن العوني غير ولاءه بعد ذلك، ولم يلتق بالملك عبد العزيز إلا عام 1340هـ، حين أخذ من حائل إلى الرياض ثم سجن بعدها في الأحساء.
والشاعر محمد بن عبد الله العوني هو أشهر شعراء النبط في زمانه، وأحد أبرز رموز الشعر النبطي عبر تاريخه، ولد في الربيعية بالقصيم سنة 1275هـ ـــ تقريبا ــــ، وتوفي في الأحساء سنة 1342هـ. وقد طبع ديوانه عدة مرات، وكتبت عنه دراسات متعددة منشورة، أما أهم كتاب ألف عنه فهو كتاب "تاريخ جيل في حياة رجل" للأديب والمؤرخ الراحل فهد المارك.