العهد الاقتصادي الجديد .. «رؤية 2030» «6»

المحاور الثلاثة لـ "رؤية 2030" هي عبارة عن: مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، وطن طموح.
في المحور الثاني بعنوان "اقتصاد مزدهر" تنقر الأيقونة فتظهر قائمة من أربع نقاط، ومقال اليوم هو مواصلة للمقال السابق (رقم 5).
"إن تنويع اقتصادنا من أهم مقومات استدامته، ورغم أن النفط والغاز يمثلان دعامة أساسية لاقتصادنا، إلا أننا بدأنا التوسع في الاستثمار في قطاعات إضافية، وندرك أن أمامنا تحديات كبيرة ونسعى إلى تخطيها".
اعتمدت الدولة على النفط ومشتقاته لعقود عديدة (اقتصاد ريعي) وبلغ النمو السنوي من خلاله 4 في المائة لمدة الـ 25 عاما الماضية، وللمقارنة يذكر أن أغلب دول الاقتصاد النفطي هي دول ثرية نسبيا ومنها: السعودية، كندا، النرويج، روسيا، فنزويلا، نيجيريا. وعلى مدى السنوات التسع منذ عام 2006 حتى عام 2014 بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي للسعودية 5.3 في المائة وهو أعلى من المتوسط العالمي (2.4 في المائة) ومن متوسط نمو الدول الريعية المذكورة أعلاه "كندا 1.2 في المائة ـــ النرويج 1.25 في المائة ـــ روسيا 3.1 في المائة ـــ فنزويلا 2.9 في المائة ـــ نيجيريا 6.3 في المائة".
المصدر: البنك الدولي World Bank Data
النمو الرقمي للناتج الإجمالي هو دلالة على دخل الدولة لكن إدارته وتوزيعه وكفاءة استخدامه لها مقاييس كمية ونوعية أخرى بعضها يقرأه الاقتصاديون والآخر يلاحظه ويشعر به السكان أو زائرو تلك الدول.
يقول الاقتصادي الدنماركي "كلاوس إيلوم" في دراسة تابعة للمجلس الدنماركي للتقنية The Danish Board of Technology عام 2004 "شاهدنا من التاريخ كيف نجح الإنسان في جعل الحياة أسهل من خلال مصادر جديدة للطاقة والتقنية، حيث تحولت من القوة البشرية إلى قوة الحصان ومنها إلى المحركات البخارية ثم إلى محركات النفط. وبالتالي فإن التطورات الاقتصادية تواصلت ومن خلفها الدخان وحتى اليوم لا يوجد في الأفق وسيلة أسهل وأقل تكلفة للحصول على الطاقة وتخزينها واستخدامها من النفط".
وتعترف الدول الصناعية والمتقدمة بهذا منذ القدم لكن حدثت أمور عديدة أسهمت في تغيير قواعد اللعبة، منها تطور التقنية ومعها مصادر الطاقة البديلة، والخوف من التلوث البيئي الذي تسبب في ظهور الأمراض المميتة التي تكلف الدول مليارات الدولارات السنوية أبحاثا وعلاجا. أيضا الطاقة البديلة جاءت مناسبة تماما للدول الصناعية والمتقدمة التي لا تملك موارد نفطية مثل ألمانيا واليابان.
وبصرف النظر عن الأسباب الحقيقية لهبوط أسعار النفط، فإن مجرد الاعتماد عليه كمورد أساس (وربما الوحيد) للدخل المحلي يحمل مخاطر اقتصادية شهدتها الدول النفطية منذ عام 2015 مثل المملكة وفنزويلا، وهناك دول تعتمد عليه جزئيا مثل كندا لم تتأثر بعمق أثر انخفاض الأسعار. ولعل تحرك المملكة بسرعة لتنويع الاقتصاد بات الحل الأوحد للخروج من مأزق الاقتصاد الريعي وهو ما ترتكز عليه "رؤية 2030" بشكل رئيس حيث يعد الانخراط في مجالات اقتصادية متنوعة إحدى وسائل هذا التنويع. من المهم أن نقتنع تماما بالموارد الأخرى التي تتمتع بها المملكة، وفي هذا الصدد تتضمن «الرؤية» حلولا منها تخصيص قطاعات حكومية بارزة وفتحها للاستثمارات الداخلية والخارجية وبدعم من صندوق الاستثمارات العامة، حيث لن ينافس القطاع الخاص بل يكمّله ويدعمه ويقوم بالاستثمار في مشاريع وقطاعات واعدة داخل المملكة وخارجها. وتذكر «الرؤية» بأنها ستنشط بشكل خاص في قطاعات التعدين والسياحة والرقميات، إضافة إلى توطين قطاع النفط والطاقة.
وللحديث بقية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي