متابعة المتسترين جنائيا .. بداية حملة التصحيح
أعلنت وزارة التجارة والاستثمار أنها أحالت 450 قضية تستر تجاري إلى هيئة التحقيق والادعاء العام خلال عام 1437هجريا وذلك استنادا إلى المادة الثانية من نظام مكافحة التستر، حيث تختص الهيئة بالتحقيق والادعاء في أحكام مخالفة هذا النظام، ومن ثم الإحالة إلى المحاكم الجزائية لإصدار الحكم النهائي، وتصل العقوبات على المخالفين إلى السجن لمدة سنتين وغرامة مالية تصل إلى مليون ريال للمخالف الواحد وإبعاد غير السعوديين عن المملكة والتشهير بالمخالفين في الصحف المحلية، إضافة إلى العقوبات التبعية الأخرى المتضمنة إغلاق النشاط وتصفيته وشطب السجل التجاري، والمنع من ممارسة النشاط التجاري نفسه لمدة تصل إلى خمس سنوات.
وتشير البيانات خلال الفترة نفسها أنه تم ضبط وتفتيش 764 منشأة تجارية وإحالة القضايا لجهات الاختصاص لتطبيق العقوبات النظامية على المتورطين، وتشير تلك البيانات إلى تعدد الأنشطة المخالفة لنظام مكافحة التستر التي تصدرها قطاع المقاولات العامة وتجارة التجزئة ولا بد أن تواصل الوزارة حملاتها التفتيشية لمكافحة التستر التجاري ومباشرة البلاغات الواردة من الجهات الحكومية والأفراد والمقيمين واتخاذ خطوات صارمة بتطبيق كل العقوبات الصادرة بحق المخالفين، كما تجدد تحذيرها لكل الشركات والمؤسسات والأفراد من التعاون مع المخالفين للأنظمة في المملكة وهو ما يعرضهم للمساءلة القانونية والعقوبات النظامية، حيث تهدف الوزارة من وراء ذلك إلى الحد من ظاهرة التستر التجاري وإيجاد بيئة تجارية نظامية وخالية من المخالفات وتمكين المواطنين من العمل التجاري.
لقد بدأت حملة تصحيح شاملة، ومع كل يوم ينكشف لنا حجم المخالفات وعمق ظاهرة التستر على المخالفين ومساعدتهم، فهناك مئات بل آلاف من المحال التجارية أغلقت أبوابها بعد أن كانت عامرة بحركة المستهلكين، وهي محال متنوعة بين مخابز ومغاسل وبقالات، ولا نبالغ إذا قلنا إنها تشمل معظم الأنشطة التي تعمل فيها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على تنوعها وتعدد مجالاتها، وهي محال مملوكة قطعا لأشخاص سعوديين، لأن كل محل له ترخيص من البلدية أو سجل تجاري.. فأين ذهب أصحاب تلك التراخيص والسجلات؟ هل زهدوا في تجارتهم، أم أنهم كانوا واجهة قانونية وغطاء سقط مع نهاية مهلة التصحيح؟
وكي نتصور حجم التستر على المخالفين فإن نظرة إلى تلك الأحياء المسكونة بالكامل من قبل أشخاص يقيمون بصفة غير نظامية، وتكون مصالح لملاك تلك المساكن الشعبية في المدن الرئيسة، مثل الرياض وجدة والدمام، وما تشكله تلك التجمعات من مصادر للخطر الأمني وزيادة نسب الجرائم، لذا فإن وجود اقتصاد خفي ضروري لمعيشة تلك المجموعات التي أصبحت بمجرد نهاية المهلة تمارس جريمة في حق اقتصادنا وأمننا الوطني. من هنا فإن قطار التصحيح يجب ألا يتوقف، بل يجب أن يستمر بفرض أقصى العقوبات على المقيم والمواطن ممن يقومون بمساعدة أو توظيف من وجوده في المملكة غير قانوني.
ولقد حذرت الغرف التجارية الصناعية، المواطنين ومن لديهم سجلات تجارية أو رخص عمل، من الانسياق وراء الإغراءات التي تقدمها العمالة الوافدة، ويبدو أن الغرف التجارية الصناعية لاحظت أن هناك محاولات غير قانونية للتحايل على الوضع القانوني، وهناك من يريدون استمرار الوضع السابق بأن يكون الحبل لهم على الغارب، بل إن تحذير الغرف التجارية الصناعية يؤكد أن فئة واسعة من هذه العمالة تقدم هذه الإغراءات المالية ليقينهم التام بحجم ما يحققونه من أرباح كبيرة جدا رغم أي زيادات مالية إضافية تقدمها تلك العمالة للمواطنين المتسترين.