لا مجال هنا

أشاهد كل يوم تقريبا، مع مشاهد القتل والتشريد في سورية، مزيدا ممن يمتهنون أعمال الدعم للنظام القاتل في سورية. مع هذا الحال الخطير نكتشف أن بيننا أشخاصا ومؤسسات تدعم النظام الفاشي القاتل هناك، ولا أستبعد أن يكونوا على علاقات وثيقة مع النظام تجعلهم من الممولين لأنشطته التخريبية وقتله المستمر لأبناء الشعب السوري.
قد يكون الحال مختلفا اليوم ونحن نكتشف أن الحرب ليست شاملة، وإنما تتبنى مفاهيم ورؤى طائفية تجعلها من أبشع صور القتل المبني على الاختلاف في الآراء، وليس على أفعال اقترفها أشخاص معينون، وعندما نعود لقول المولى جلت قدرته "كل نفس بما كسبت رهينة"، نكتشف خطأ النظرة الإقصائية التي تتبناها حروب الشرق الأوسط الحالية، وما فيها من العيوب التي سمحت لشذاذ الآفاق من كل مكان أن يكونوا عناصر مقررة لمصير ومستقبل المنطقة بأكملها.
لعل قول الجارودي عن حروب الجيل الرابع ـــ التي نعيشها واقعا اليوم ـــ يسري على كل حروب المنطقة. فالناس تتحارب اليوم بتكلفة صفرية على الغرب، وقد تكون بقيمة مضاعفة. الناس تقتل بعضها بناء على خلافات لا تستحق أن يتقاتلوا عليها، ويستدعون الدول الأجنبية لتمولهم بالسلاح والمعلومات، ثم يطالبون الغرب نفسه بأن يتوسط بينهم لحل المشكلة فيرفض، حتى حين.
إن مثيري الفتنة والعاملين على دعم الأنظمة التي تخدم مصالح أعداء الأمة استهلكوا كثيرا من قدراتها ودفعوها نحو الإنفاق على التسلح بدلا من الإنفاق على تنمية الإنسان والمكان. هذه الأموال تذهب إلى غير رجعة، ويستمر المنافقون في دعم نظام فاشي أو ميليشيات إجرامية لتكمل مسيرة الخراب على العالم العربي.
من هؤلاء؟ وكيف يعملون؟ ولماذا بقوا في البلاد دون أن يحاسبوا ويعاقبوا على ما يفعلون وهم يجاهرون بمناصرتهم لبشار وللحوثي في كل مكان؟ ويسمح لهم بممارسة التجارة والأعمال في بلاد حمتهم ودعمتهم، ولكنهم أنكروا فضلها، وتآمروا عليها، وليس هناك ما يجعلني أعتقد أنهم لا يسهمون في تسليح النظام والميليشيات فتصبح تكلفتهم على اقتصادنا مضاعفة، وبقاؤهم خطرا لا يضاهيه خطر.
هؤلاء خونة مثل من سبقهم ممن وثقنا بهم، وظننا أنهم لن يخونوا أماناتهم، ففعلوا العكس، ونشروا الخراب، وتجسسوا لمصلحة الأعداء. كشف هؤلاء والتعامل مع فساد عملهم ومشاريعهم هو ما سأطرقه غدا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي