الدوحة تستجدي «تصريحات» تسمن إعلامها ولا تغني من جوع «المقاطعة»

الدوحة تستجدي «تصريحات» تسمن إعلامها ولا تغني من جوع «المقاطعة»

دأبا على عادة الدوحة الإنكارية والتضليلية، وبينما كل الدول بمن فيها الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، تحاول البحث عن حلول لإنهاء الأزمة، لا تزال قطر، أساس المشكلة وسببها، تبحث عن "تصريحات" فقط لتعزيز موقفها، تغذي بها إعلامييها وشبكات تلفزتها وصحفها، تخديرا للرأي العام القطري.

حياد خجول
ورغم ذلك لم تحصد الدوحة بالمحصلة على تصريحات أو مواقف سياسية فارقة، في دعمها أو في الوقوف إلى جانبها مطلقا، بقدر ما حصلت على ما يمكن وصفه بالحياد الخجول، وتفهم على استحياء، من قبل أوساط خارجية دبلوماسية، لا يهمها استعداء الدوحة بقدر ما يعنيها تشجيع الدوحة بأي أسلوب ممكن لإنهاء المأزق الذي يعد حله من صميم عملها الدبلوماسي.
ولعل هذا هو الارتكاز الأول الذي يفسر التباين بين تصريحات إدارة البيت الأبيض بقيادة ترمب ووزير خارجيته تيلرسون. رئيس شركات الغاز السابق الذي استنجدت أذرع الدوحة الإعلامية وعلى رأسها الجزيرة بتصريحاته مطولا. لملء الهواء الأثيري والسياسي، الخاليين من أي دعم دولي أو عربي، جاد وقوي يذكر.

تجويع "الوحش"
وفي المقابل، فإن تصريحات الرئيس ترمب الأخيرة على العكس تماما، إذ لم تخل من تهديد صريح لقطر بنقل القاعدة الأمريكية إذا لم تتوقف عن "إطعام الوحش" حسب تعبير الرئيس. أي تمويل الإرهاب الذي اتفقت جميع الدول العربية والإسلامية، بحضور الولايات المتحدة، على تجويعه، فيما انسحبت الدوحة في اللحظات الأخيرة لقمة الرياض الإسلامية العربية الأمريكية من التزاماتها، مبررة هذا الانسحاب بتعارض مصالح لم تفسر الدوحة إلى الآن طبيعته لأشقائها المتضررين، بينما سارعت في نفس الوقت إلى إفشاء مقررات القمة وتحذير الوحش الآخر طهران من توابع هذا الاتفاق الدولي.
وبالتالي، فإن التزامات واشنطن تجاه ما وقع عليه رئيسها في جمع غفير من الدول الإسلامية والعربية أقوى بكثير من تصريحات ناعمة أو مشجعة في أحسن الأحوال من قبل وزير خارجيتها الذي يسعى بدوره من جهة أخرى، وبحسب مصادر مقربة للحفاظ على مصالح استخباراتية غير معلنة بين الدوحة وواشنطن فيما يتعلق بالتعامل مع التنظيمات الإرهابية الممتدة من أقاصي أفغانستان إلى عمق الدول الغربية والأمريكية.

بنك الإرهاب
والدوحة بالمحصلة أصبحت مجرد بنك معلومات وأموال إرهابي من جهة، ووسيط ملائم من جهة أخرى، بالنسبة لخارجية واشنطن. من الضرورة بمكان الحفاظ على استمرار تدفقه دون الحاجة للتعاطي المباشر والمكشوف مع هذه العصابات من قبل الولايات المتحدة. ولكن هذه مدرسة قديمة لمحاربة الإرهاب أثبتت فشلها إبان حكم الرئيس أوباما ووزيرته صاحبة البريدين الرسمي وغير الرسمي، عرابة هذا النمط من التعاطي الخفي، هيلاري كلينتون.
لذلك وجب التخلص من هذه الحقبة والتأسيس لحقبة جديدة من خلال معطيات قمم الرياض الثلاث. والتعامل مع الدوحة على المكشوف كما تفعل الدول الداعية لمكافحة الإرهاب. فليس بالدعم والأموال فقط كبر وحش الإرهاب ولكن بتواصل هذه التغذية في الخفاء. وكل ذلك بتواطؤ سياسي يشير إليه اليوم كثير من التقارير الصحفية الغربية والشهادات الشخصية المعلنة من قبل كثيرين ممن وقعوا ضحية لمثل هذا الاستغلال.
يبقى أن هذه التصريحات لا تسمن إلا حكام الدوحة وأبواقها، المتخمة أساسا بأموال الغاز وعائداته، من أجل محاربة الآخرين وتوهم التأثير، بينما لا تغني في الوقت ذاته من جوع المقاطعة اقتصاديا وسياسيا وأمنيا، المقاطعة السيادية، التي لن يضرها ولن يضر دولها العازمة على المضي في حماية شعوبها، النفس الطويل، بقدر ما سينفعها على المدى البعيد، لتجويع وحش الإرهاب الذي أثخن المنطقة دماء وتنكيلا.

الأكثر قراءة