«التحالف الإسلامي» .. العمل العسكري بمنظور غير تقليدي

«التحالف الإسلامي» .. العمل العسكري بمنظور غير تقليدي

لأن الحروب على مر التاريخ تتغير وتمر بتحولات تكتيكية وبنيوية كبيرة فمن باب أولى أن تتغير وسائل الدفاع العسكري كذلك. ومن هذا المنطلق يحسب للتحالف الإسلامي الذي دعا إليه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في وقت سابق، أنه منذ انطلاقه حتى اللحظة التي عُقد فيها في الرياض بقيادة ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وإجماع أكثر من 40 دولة لا يزال يتطرق إلى سبل مكافحة الإرهاب وغيره من القضايا التي تعزز أمن الدول المتحالفة من منظور فكري وعسكري مغاير، حديث وغير تقليدي.
فعوضا عن الكتمان والغموض الصارم الذي يحيط الأعمال العسكرية قديما يتعاطى التحالف الإسلامي مع الحروب الحديثة وغير التقليدية وعلى رأسها الإرهاب بكثير من الانفتاح الفكري والتواصل الإعلامي المميز عبر كثير من المنصات الحديثة، إدراكا من القائمين على هذا التحالف بتغير قواعد اللعبة العسكرية وتبدل طبيعة المخاطر المحيطة.
حيث لم تعد الدول الساعية إلى الإضرار بغيرها تتبنى سبل المواجهة المباشرة كما كان حال الحروب التقليدية سابقا، لكنها تسعى إلى المواجهة عبر وكلاء من الميليشيات والعصابات المدعومة بالسلاح والصواريخ، إضافة إلى الأفراد الذين يحاولون الإضرار بمصالح البلاد تبعا لأجندات فكرية متطرفة.
لذلك تفقد السبل الدفاعية التقليدية جدواها وتلزمها بالضرورة أذرع إعلامية وفكرية ودبلوماسية سياسية مساندة يجمعها تحالف قوي يسهل عملية التنسيق وتبادل المعلومات للوقاية من الأعمال التخريبية قبل وقوعها، فضلا عن معالجة بذور الأفكار الإرهابية قبل استفحالها، عن طريق تجفيف منابع الإرهاب المالية والمادية والفكرية.
ومن ذات المنظور الذي يعزز قيمة وجود هذا التحالف الدولي الفريد، يستبعد كثير من المحللين والمراقبين عودة الحروب التقليدية التي تقودها الجيوش التقليدية وجها لوجه، في ظل التقدم التكنولوجي ومنظومات الدفاع الجوية المتطورة جنبا إلى جنب مع استفحال غير مسبوق للحرب بالوكالة عن طريق الميليشيات أو عن طريق القرصنة الإلكترونية في زمن أصبحت فيه الحروب مفتوحة على كل الاحتمالات والجبهات الميدانية الواقعية والافتراضية السِبرانية.
من جهته، كان ولي العهد في كلمته الافتتاحية المقتضبة أمام وزراء دفاع التحالف الإسلامي في اجتماعهم الأول يوم أمس الأحد واضحا ومباشرا تجاه أمرين يعدان ركيزتين من ركائز إقامة التحالف، الأمر الأول والأكثر خطورة من النتائج المادية للإرهاب نفسه محاولة تشويه صورة الإسلام وإلصاق تهمة الإرهاب به كدين، أما الركيزة الثانية التي شدد عليها ولي العهد فهي التنسيق بين الدول المتحالفة على جميع المستويات السياسية والعسكرية والاستخباراتية.
وكان ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز قد افتتح أعمال الاجتماع، الذي شهد مشاركة عدد من الخبراء المتخصصين في مجالات عمل التحالف الإسلامي، منهم الشيخ الدكتور محمد العيسى، أمين عام رابطة العالم الإسلامي، الذي ألقى كلمة رئيسية حول المجال الفكري.
ويهدف هذا المجال الفكري إلى المحافظة على عالمية رسالة الإسلام الخالدة، مع التأكيد على المبادئ والقيم الإسلامية كالاعتدال والتسامح والرحمة، والتصدي لنظريات وأطروحات الفكر الإرهابي من خلال إيضاح حقيقة الإسلام الصحيح، وإحداث الأثر الفكري والنفسي والاجتماعي لتصحيح هذه المفاهيم الإرهابية المتطرفة.
ويهدف التحالف في المجال الإعلامي إلى المساهمة في تطوير وإنتاج ونشر محتوى تحريري واقعي، وعلمي، وجذاب لاستخدامه في منصات التواصل والقنوات الإعلامية التابعة للتحالف أو من خلال أطراف أخرى، بهدف فضح وهزيمة الدعاية الإعلامية للجماعات المتطرفة، وترسيخ الأمل والتفاؤل، وقياس الأثر في العقليات والسلوكيات.
كما ناقشت جلسات الاجتماع الاستراتيجية العامة للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب وآليات الحوكمة المنظمة لعملياته ونشاطاته ومبادراته المستقبلية في الحرب على الإرهاب ضمن مجالات عمله الرئيسية الفكرية والإعلامية ومحاربة تمويل الإرهاب والعسكرية.
فيما بحث الاجتماع تحديد آليات وأطر العمل المستقبلية التي ستقود مسيرة عمله لتوحيد جهود الدول الإسلامية للقضاء على الإرهاب، والتكامل مع جهود دولية أخرى في مجال حفظ الأمن والسلم الدوليين.
يُذكر أنه تم الإعلان عن تأسيس التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب من قِبل الأمير محمد بن سلمان في كانون الأول (ديسمبر) 2015. ويتكون التحالف من 41 دولة تُشكّل معاً جبهة إسلامية موحدة في المعركة العالمية ضد الإرهاب والتطرف العنيف، كما يمثل التحالف منصة للدول الأعضاء لتوحيد وتنسيق جهودها في محاربة الإرهاب عبر أربعة مجالات: المجال الفكري، المجال الإعلامي، مجال محاربة تمويل الإرهاب، والمجال العسكري، وذلك بالتعاون مع الدول الداعمة والمنظمات الدولية.

الأكثر قراءة