جلودكم في رمضان
في البداية، كل رمضان وأنتم بخير وعافية.
هل تتغير طبيعة الجلد في رمضان؟ وهل الصيام يسبب جفافا في الجلد بسبب جفاف الحلق والعطش؟
هناك اعتقاد خاطئ عند بعض الناس أن الجلد في رمضان بسبب قلة شرب الماء يصاب بالجفاف، وهذا اعتقاد خاطئ لأن قلة الماء تسبب جفافا في الكلية "التي هي الأهم" وليس جفافا في الجلد، فالرسالة هي أن تكثر من شرب الماء في جميع الأحوال لحماية الكلية، خاصة في فصل الصيف، حيث سوائل الجسم تخرج بكثرة عن طريق العرق فتجف الكلية، لذلك لابد من إروائها بالاستمرار في شرب الماء. باختصار، الماء يروي الكلية، ونقصه لا يسبب جفاف الجلد، أما جفاف الجلد فعلاجه الترطيب بالكريمات فقط. وبعض من يأخذون حبوب الرأكيوتان لعلاج حبوب الشباب، يعتقدون أنه في رمضان يسبب العطش، وهذا خطأ لأنه يسبب ضمورا في الغدد الدهنية في الجلد، فيسبب جفافا في الجلد، لكن لا يسبب جفافا في الحلق ولا عطشا. فأخذه في رمضان لا يزيد العطش، لكنه يجفف الجلد، ويحتاج المريض إلى الإكثار من الترطيب بالكريمات.
كثير من النساء يسألن عن حرارة الفرن وأثرها على البشرة، لا سيما أن نساءنا يمضين وقتا طويلا في رمضان داخل المطبخ، ومن الأخطاء الشائعة وضع كريم عازل الشمس قبل الطبخ، وهذا اعتقاد خاطئ، لأن كريمات عزل الشمس هي للأشعة فوق البنفسجية UV Light فقط وليست للحرارة. إذن، فكريمات عازل الشمس لا تفيد ولا تقي من حرارة الفرن، والحل هو أن يكون المطبخ باردا جدا، ويكون هناك مروحة صغيرة تلجأ إليها المرأة كلما أحست بشدة الحرارة، وأن تتجنب القرب من بخار الطبخ بقدر استطاعتها. ولمن يعاني من مرض الوردية "وهذا مرض منتشر عند النساء أكثر ويسبب احمرارا في الوجه وحرارة".
أقول الأفضل تجنب الدخول للمطبخ إذا كانت الأبخرة فيه شديدة، لأن هذا يزيد من المرض، وأكرر أن كريم عازل الشمس لا يفيد في هذه الحالات.
أما حروق الزيت التي تحدث لليد من القلي، فالأفضل استخدام ما يقي اليد والساعد عند القلي من تناثر الزيت الحار على اليد. ولو حدث حرق بسبب الزيت، فالأفضل وضع كمادات باردة وأي مرهم كورتيزون لعدة أيام وعدم قشر أو حك المنطقة المحروقة.
في الختام..
أختم بقصة حدثت العام الماضي لوالد صديقي كان مصابا بمرض السكر والضغط، وقد تأثرت وظائف الكلى بدرجة شديدة ونصحه الأطباء بعدم الصيام، لأن الصيام يزيد من جفاف الكلية وقد لا تتحمل ضغطا وسكرا وصياما، إلا أنه "من حسن نية" أصر أن يصوم، وقاومت كليته أول خمسة أيام من رمضان، وفي اليوم السادس أصيب بفشل كلوي حاد لم يتمكن الأطباء من إنقاذه فتوفاه الله "رحمه الله رحمة واسعة".
فأنصح كل من نصحه طبيب بعدم الصيام ألا يجازف بحياته "لأن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه".
جسم الإنسان هو أمانه استرعاها الله عندنا فيجب أن نحافظ عليها وألا تغلب علينا العاطفة الدينية عند القرار الطبي فنرتكب خطأ شرعيا من حيث لا نشعر ونودي بأنفسنا إلى التهلكة.
وأختم بالحديث، "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ" رواه البخاري ومسلم.